«البلطجية» عصا الانقلاب الغليظة لترهيب المعارضة

أثار هجوم مجهولين على الإفطار الذي نظمته الحركة المدنية الديمقراطية التي تمثل أهم أجنحة المعارضة المصرية، مساء أمس الأول الثلاثاء، ردود فعل غاضبة، اعتبرت أن الهجوم يعد مؤشراً على عزم نظام عبد الفتاح السيسي استخدام البلطجية في التصدي لفاعليات المعارضة خلال الفترة المقبلة.
ودشن نشطاء هاشتاج «نخنوخ يحكم مصر» على مواقع التواصل الاجتماعي، في ربط بين اعتداء بلطجية على قيادات الحركة المدنية، وعفو السيسي عن صبري نخنوخ ضمن قائمة العفو الرئاسي الأخيرة رغم صدور أحكام بالسجن ضده في قضايا تتعلق بـ«البلطجة».
وكان العشرات من المدعوين لإفطار الحركة المدنية الديمقراطية تعرضوا للاعتداء أمس الأول من قبل نحو 10 أشخاص مجهولين في النادي السويسري في محافظة الجيزة.
وفوجئ المدعوون بوجود منضدة يجلس عليها نحو 10 أشخاص ليسوا ضمن المدعوين. وافتعل رجل وامرأة من الجالسين حول المنضدة مشاجرة مع موعد الإفطار، قبل أن يقوموا بتحطيم المناضد وقذف الحاضرين بالصحون وزجاجات المياه مرددين «يا خونة يا جواسيس».
وغادرت المجموعة التي قامت بالاعتداء دون أن يتمكن أحد من الإمساك بأفرادها الذين رددوا وهم يهربون شعار «تحيا مصر».
خالد داود رئيس حزب الدستور السابق قال إن انقطاع التيار الكهربائي عن النادي فور بدء المشاجرة والاعتداء عليهم، بالإضافة إلى ما ردده المعتدون من عبارات مثل يا خونة يا جواسيس، يؤكد أن الأمر مدبر، وليس عفوياً، خاصة أن الفعالية كانت اجتماعية بشكل بحت، من دون أي كلمات سياسية أو نقاشات.
وحضر اللقاء عدد كبير من الشخصيات العامة من الحركة وخارجها مثل الصحفي والوكيل السابق لنقابة الصحافيين، خالد البلشي، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، والمتحدث باسم الحركة، حسين عبد الهادي، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، جورج إسحاق، والقياديين بحزب العيش والحرية (تحت التأسيس) إلهام عيداروس وأكرم إسماعيل ورئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مدحت الزاهد، والكاتبين الصحافيين، عبد الله السناوي وجمال فهمي، والسفير السابق معصوم مرزوق.
وكانت الحركة المدنية الديمقراطية دعت، في يناير/ كانون الثاني الماضي، الشعب المصري إلى عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي بفترة رئاسية ثانية، بعد وصفها بأنها تمثل «مصادرة كاملة لحق الشعب المصري في اختيار رئيسه».

اعتداء مشبوه

وعلق حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق على الواقعة عبر صفحته الرسمية على «الفيسبوك»، قائلاً: “هجوم بلطجي خسيس على إفطار الحركة المدنية الديمقراطية يفضح سلطة مستبدة تجردت من العقل والأخلاق وتداري ضعفها بعنفها”.
وأثارت الواقعة التي عرفت بواقعة النادي السويسري غضب المعارضة المصرية، وتوالت بيانات الإدانة، وأصدر الحزب المصري الديمقراطي بيانا أدان ما وصفه، بـ”الاعتداء المشبوه والغاشم من بعض الأفراد على قيادات الحركة المدنية في إفطار يجمع القوى المدنية الديمقراطية أصيب على أثر هذا الهجوم الغاشم رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي إصابات بالغة وأصيب العديد من قيادات الحركة المدنية وتم ترويع الجميع”. وعبر الحزب في بيانه، أسفه لما آلت إليه الأمور في مصر، وتسأل:» كيف يفكر في مستقبل الوطن هؤلاء الذين نفذوا، أو بالأحرى حرضوا ورتبوا، لارتكاب هذه الجريمة.
وطالب، الجهات المعنية، وبالذات تلك التي دعت للحوار الوطني واتهمت الأحزاب مرارا وتكرارا بعدم القيام بدورها، بإعلان إدانة واضحة وصريحة للواقعة وإعلان الجهات أو الأفراد الذين أعدوا لها وتقديمهم للمحاكمة وتوفير الحماية لقيادات الحركة المدنية وأحزاب المعارضة الديموقراطية في ظل هذه الشواهد التي تؤكد أنهم قد أصبحوا مستهدفين.

سياسات البلطجة

الواقعة دفعت النائب هيثم الحريري عضو تكتل «25- 30» المعارض لتقديم طلب إحاطة في البرلمان المصري أن هذا الاعتداء يعيد إلى الأذهان اعتداء عدد من البلطجية على المواطن المصري المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المصري المركزي للمحاسبات الأسبق.
وأضاف أن «الرسائل السلبية من هذه الأحداث شديدة الخطورة خاصة مع بداية فترة رئاسية جديدة وأخيرة طبقا للدستور والخطاب الإعلامي لتفعيل وتنشيط الأحزاب وقبول الرأي الآخر، إلا أن الواقع على الأرض يتناقض تماما مع مثل هذه الدعوات، وهنا يظهر التساؤل بقوه لماذا تسير السياسة الأمنية في اتجاه معاكس لخطاب مؤسسة الرئاسة».
ودشن نشطاء حملة تدوين على مواقع التواصل الاجتماعي، هاشتاغ، «نخنوخ يحكم مصر»، عبروا فيه عن رفضهم لما وصفوه بـ»سياسات البلطجة والقمع التي ينتهجها نظام السيسي»، في إشارة إلى أن العفو عن صبري نخنوخ، كان مقدمة لاستخدام البلطجية في التصدي لفاعليات المعارضة. 
وكانت قوات الأمن، قد ألقت القبض على نخنوخ في آب/أغسطس 2012، داخل فيلته في منطقة كينج مريوط في محافظة الإسكندرية، برفقة عدد كبير من الخارجين عن القانون، وبحوزتهم كمية من الأسلحة، وصدر في حقه حكم بالسجن لمدة 25 عاما في اتهامات تتعلق بحيازته أسلحة وحيوانات مفترسة، وثلاث سنوات أخرى في قضية تعاطي مخدرات، قبل أن يعفو عنه السيسي، في مايو/ أيار الماضي.
يذكر أن هذه، ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها الأنظمة السياسية في مصر، البلطجية في ترهيب المعارضة، فما حدث ذكر المصريين بواقعة الاعتداء على المستشار هشام جنينة خلال توجهه لتقديم طعن على استبعاد الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري الأسبق من انتخابات الرئاسة والمطالبة بالسماح للأخير بتقديم أوراق ترشحه قبل أن يلقى القبض عليه ويصدر ضده حكما عسكريا بالسجن عامين في قضية تتعلق بتصريحات قال فيها إن «عنان يحتفظ بأوراق خارج مصر تدين قيادات الدولة عن الفترة التي أعقبت ثورة يناير/كانون الثاني». كما ذكرت الواقعة المصريين بالهجوم الذي شنه بلطجية على ميدان التحرير خلال أحداث ثورة يناير/كانون الثاني التي عرفت بـ»موقعة الجمل» نسبة لهجوم البلطجية بالجمال والخيول لإجبار الثوارعلى مغادرة الميدان، في ليلة كانت الأكثر دموية بين ليالي ثورة يناير/كانون الثاني، سقط فيها عدد كبير من الضحايا بين قتيل ومصاب.

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …