“العدالة والتنمية” المغربي يرفض التجديد لولاية ثالثة لأمينه العام .. بنكيران

تجربة (شورية) جديدة يخوضها حزب العدالة والتنمية المغربي بقرار منع زعيمه عبد الإله بنكيران من المنافسة على منصب الأمين العام للحزب لولاية ثالثة. فقد رفض المجلس الوطني للحزب تعديل النظام الأساسي بما يسمح بولاية ثالثة لبنكيران، بعدما سبق أن صوّتت لجنة الأنظمة والمساطر على تغيير المادة الـ 16 بأغلبية أعضائها، وأحالتها إلى دورة المجلس الوطني لكن 126 عضوا صوتوا ضد مقترح التعديل, مقابل 101 عضوًا صوتوا بنعم من أصل 232 مصوتا، وألغيت أربعة أصوات. كما رفض المجلس الوطني للحزب تعديل المادة 37 بحذف عضوية وزراء الحزب من الأمانة العامة للحزب بالصفة.

وأجمع المؤيدون لقرار المنع والرافضون على حد سواء، على أن بنكيران نجح في دخول التاريخ السياسي الحديث من بوابة الكبار، بعد أن قاوم إرادة قوية لمنعه من تشكيل الحكومة, ثم امتنع عن الخوض في نقاش عودته أمينا عاما للحزب للمرة الثالثة، ونجح بأسلوبه في أن يحافظ على شعبيته ومكانته في المشهد السياسي المغربي.
الرأي حر والقرار ملزم

وقد انقسمت آراء المحللين وأعضاء الحزب، بين من وصف نتيجة التصويت بالمخيبة للآمال وللإرادة الشعبية، معتبرين أن إيقاف مسار بنكيران على رأس الحزب هو «هدية للمخزن وهزيمة أمام التحكم»، وآخرين باركوا النتيجة واعتبروها انتصارا للديمقراطية الداخلية، داعين إلى احترام قرارات الأغلبية وفق قاعدة «الرأي حر والقرار ملزم».
وقال بنكيران، إن الذي يدخل الديمقراطية يجب أن يكون دائما مستعدا لأن يصوت الناس عليه أو لا يصوتون عليه، أو يصوتون لمصلحته أو ضده، مشيرا إلى أن «الإخوان اختاروا ما يعتبرونه في مصلحتهم، والله يكمل عليهم بالخير» وأضاف «الحمد لله المجلس الوطني اجتمع وعمل البرنامج الخاص به وصوت على ما كان يجب أن يصوت عليه، وخرج بالنتائج، والديمقراطية هي هكذا، انتهى الكلام».
وأشار إلى أن «كل واحد يقوم بالدفوعات التي تبدو له أنها معقولة، والموضوع الذي كان مطروحا منعت على نفسي أن أكون عنصرا فيه، هذا الموضوع جاء نتيجة مبادرة أخ واحد، وتطور الموضوع وأصبح في هذا المستوى وتدخل فيه من معه ومن ضده، وأنا لم أتدخل فيه».
وقال: «مسؤوليتي على الحكومة انتهت بإعفائي من طرف الملك ومسؤوليتي كأمين عام للحزب انتهت بقرار المجلس الوطني»، مضيفا: «الآن بنكيران مرتاح أكثر، وتقلدي لمسؤوليات جديدة في المستقبل لا يعلمه إلا الله».

الأفكار لا تموت والزعامات أيضا

وقال عبد العزيز أفتاتي البرلماني السابق عن حزب العدالة والتنمية, وأحد المؤيدين لعودة بنكيران أمينا عاما إن « من يدعي أن ابنكيران انتهى سياسيا لا علم له بشيء، هذه الإدعاءات مجرد خزعبلات » مؤكدا أن «الأفكار لا تموت والزعامات لا تموت» .
وأكد أفتاتي أن بنكيران على يمين ويسار وفي جنوب وشمال حزب العدالة والتنمية ومن يقول إنه انتهي مخطئ لا محالة وإن ابنكيران ليس شخصا عاديا, ومكانته كبيرة وله كلمته ويتمتع بشخصية تواصلية كبيرة, وأضاف أن  عبد الإله بنكيران لا يحتاج لصفارة، أو بذلة (أمين عام الحزب) لكي يقرر أو يأمر في أمور الحزب, فهو باقٍ ويتمدد داخل الحزب، وخارجه وله رأيه ويحترم، موقفه سوف يبقى مرجعا داخل الحزب ولا يحتاج للبذلة لكي يقرر في أمور الحزب كما لا يحتاجها الإخوان الآخرون؛ الرميد والخلفي والرباح… ، لهم رأيهم ومكانتهم داخل الحزب».
وقال أفتاتي إن ابنكيران أشرف شخصيا ورسميا، خلال الأشغال التاريخية للمجلس الوطني الأخير، على تحقيق الانتصار المنهجي الأكبر في سلسلة الانتصارات التي قاد معاركها بنجاح استثنائي توجت بتبوؤ حزب العدالة والتنمية موقع الصدارة في المشهد الحزبي والمؤسساتي الوطني بلا منازع.

فقد أصر ابنكيران على تحقيق ثلاثة أمور كبيرة وحاسمة، أغلقت بشكل نهائي، قوس الفتنة (كما سماها) التي حشر فيها الحزب مدة تجاوزت الستة أشهر (فترة تشكيل الحكومة الأخيرة لبنكيران), وبهذا الموقف, أمّن المؤتمر الوطني وعبّد الطريق لإنجازه في مناخ ديمقراطي حر ضد أي تشويش داخلي، وقطع الطريق بهذا الوعي النوعي الفريد على كل السيناريوهات التي وضعت لإدخال الحزب في دوامة الاضطراب والتراجع والاضمحلال.

استقلالية القرار

وقال محمد يتيم، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر المقبل للحزب، وأحد المعارضين للتجديد لابنكيران إن ما حدث في المجلس الوطني بعد بمثابة انتصار لابنكيران وإخوانه سواء ممن كانوا مع الولاية الثالثة له أو ضدها، لأنهم أثبتوا استقلاليتهم الفعلية عن كل تأثير خارجي .. أثبتوا أنهم راشدون وملقحون.

وأوضح في تدوينة على صفحته في الفيسبوك، أن «ابنكيران يزداد اليوم مكانة لأنه خرج من شرنقةٍ كان بعضهم بحسن نية سيضعه فيها وبعض آخر بسوء نية»، وليعلموا أن بنكيران أكبر من منصب الأمانة العامة.

وأضاف يتيم، الذي يعد أحد أبرز المعارضين لاستمرار بنكيران على رأس الحزب، بالقول: لقد انتصر ابنكيران، لقد انتصر حزب العدالة والتنمية، وانهزم الذين راهنوا على شق أو انشقاق صف العدالة والتنمية، مضيفا: ينبغي اليوم أن يكون الجميع مبتهجا لانتصار الإرادة الجماعية الحرة والمستقلة .

المنتصر هو الحزب

وتابع يتيم؛ وهو وزير التشغيل: إن المنتصر هو المؤسسة وقيمها، المنتصر هو إرادتها المستقلة وقدرتها على تدبير خلافاتها وتدبيرها بطريقة متحضرة ….. المنتصر هو السلوك السياسي المتحضر القائم على التعبير الحر عن المواقف والبسط المسؤول للتحليلات والتقديرات، وهذا ما حدث في المجلس الوطني حيث أنه خلال تلك الساعات الطوال والمداخلات التي تجاوزت المئة وعشرين مداخلة كان الهاجس الأكبر هو أن وحدة الحزب خط أحمر، وأنه أيا كانت النتيجة التي تصدر عن التداول الحر والتصويت الديمقراطي، فإنه يتعين التسليم بالنتائج وينبغي الاعتراف بها, ولذلك فإن بعض الانزلاقات في التعبير هنا وهناك أو التي تتكلم بمنطق انتصار فريق على فريق أو التي تتصور أو تكيف أن الخيار الذي انتهى له المجلس الوطني نكسة، آو تراجع، أو عدم استماع لنبض الشعب أو خيانة وما شابه ذلك، إن ذلك كله وبكل تأكيد لا يعكس ولن يعكس الروح التي بها تدبير الإعداد للمؤتمر الوطني والمجلس الوطني ولا الروح والأجواء التي سادت اجتماع المجلس الوطني.

وعلق المحلل السياسي حسن طارق، وهو قيادي سابق في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إن عبد الإله بنكيران حجز مكانه في التاريخ جنب الكبار، وقدم له التهنئة برغم رفض السماح له بالبقاء لولاية أخرى، ووضع حدا لمساره زعيما سياسيا.

ويعقد الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي في ديسمبر المقبل، مؤتمره الوطني لانتخاب أمين عام جديد وقيادة جديدة تقود الحزب لأربع سنوات قادمة.

 

 

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …