بسام ناصر يكتب: وماذا بعد القضاء على داعش؟

 فجأة بات الجميع يتحدثون عن خطر تنظيم الدولة الإسلامية على المنطقة باعتباره الخطر الأكبر والداهم، ولم يعودوا يتحدثون عن خطر النظام السوري وجرائمه التي يرتكبها ليل نهار بحق أبناء الشعب السوري، وبات القصف الروسي الجنوني على حلب ومناطق سورية أخرى وكأنه برد وسلام على سوريا وأهلها.

القوات العسكرية تُحشد من هنا وهناك, والعدو المستهدف هو تنظيم الدولة الإسلامية، وكان عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين، وليندسي جراهام، قد دعيا في وقت سابق إلى “تشكيل قوة من 100 ألف جندي أجنبي معظمهم من دول المنطقة السنية إضافة إلى جنود أمريكيين، لقتال تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا”.

وكان السيناتور جراهام في سياق دفاعه عن تشكيل تلك القوات قال “الوضع الحالي يختلف عن الحربين الماضيتين”, “في إشارة إلى الحرب التي استمرت 14 عاما في أفغانستان والنزاع المستمر منذ نحو تسع سنوات في العراق.

وأضاف: “هذه المرة ستتألف القوات من جيش إقليمي كبير مع قوة غربية صغيرة، في حين أنه خلال الحربين الماضيتين كانت القوات الغربية كبيرة والقوة الإقليمية صغيرة جدا”. وقال جراهام أيضا “في اعتقادي أن القوة التي ستبقى ستكون دولية، وسيتمكن العرب السنة من السيطرة على جزء من سوريا يلقون فيه ترحيبا بعد خروج تنظيم الدولة الإسلامية منه”.

ويوم الأحد الماضي أعلنت المملكة العربية السعودية عن وصول قوات الجيوش المشاركة في عملية «رعد الشمال» التي وصفتها بأنها «أكبر مناورة عسكرية في تاريخ المنطقة» إذ تشارك فيها 20 دولة عربية وإسلامية، وذلك بعد تلويحها بإمكانية إرسال قوات برية إلى سوريا.

وأشارت تقارير إلى أن السلطات السعودية أطلقت مساء الأحد حسابا رسميا خاصا بالعملية على موقع «تويتر» وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أنه سيتم تنفيذ المناورة في مدينة الملك خالد العسكرية بمدينة حفر الباطن، شمال المملكة، بمشاركة 20 دولة منها مصر، السعودية، والإمارات، والأردن، والبحرين…

وتابعت الوكالة “رعد الشمال تمثل رسالة واضحة إلى أن المملكة وأشقاءها وإخوانها وأصدقاءها من الدول المشاركة تقف صفا واحدا لمواجهة كافة التحديات والحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، إضافة إلى التأكيد على العديد من الأهداف التي تصب جميعا في دائرة الجاهزية التامة والحفاظ على أمن وسلم المنطقة والعالم”.

إن كانت تلك القوات والجيوش المشاركة في عملية «رعد الشمال» تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية فقط، ولا تستهدف قوات النظام أو القوات الإيرانية وحلفاءها، والقوات الروسية، فإن ذلك يعني أنها تتشارك مع القوات الأخرى في استهداف التنظيم، أي أن جميع القوات العسكرية باتت تستهدف التنظيم، ولم تعد تستهدف النظام السوري، أو تطالب برحيله والتخلص منه.

في حالة تمكن تلك القوات والجيوش من القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، هل ستحل الأزمة السورية؟ وهل سيتحقق للشعب السوري ما قام من أجله في ثورته قبل ظهور التنظيم على الأرض السورية؟ ولماذا باتت القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية تبذل جهودا كبيرة في إقناع الجميع بضرورة التخلص من تنظيم الدولة، وغض الطرف عن جرائم النظام بحق أبناء شعبه؟

إشغال الجميع بطرف آخر ألا وهو تنظيم الدولة، وحشد القوات والجيوش لمواجهته، مع غض الطرف عن أصل الأزمة وجوهرها، ألا وهو النظام السوري ينطوي على قدر كبير من التضليل وتزييف الوعي، فالشعب السوري حينما قام بثورته كان يستهدف إسقاط النظام الذي جرعه كؤوس الظلم والاستبداد والقمع والعذاب طوال العقود السابقة، ولم يكن تنظيم الدولة قد ظهر إلى الوجود حينذاك.

الشعب السوري بعد كل هذه العذابات والويلات التي تجرعها من قبل قيامه بثورته ومن بعدها، وكما أنه يريد التخلص من الغلاة الذين أرهقوا ثورته بأجنداتهم الضيقة، واعتدوا على حياة الإنسان السوري بلا حق، فهو كذلك يريد التخلص من الطغاة الذين سحقوا الإنسان السوري وأحالوا حياته إلى جحيم لا يطاق.

 فهل ستحقق لهم جيوش «رعد الشمال» الزاحفة إلى سوريا، حلمهم بالتخلص من الغلاة والطغاة معا؟.

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب : عبّاس وغانتس: إجماع فاسد أم انقسام حميد؟

لا ينتعش محمود عبّاس، وتدبّ فيه الحياة والقدرة على استئناف نشاطه في “مقاومة المقاومة” إلا …