حازم عياد يكتب: الشراكة التركية السعودية وانتزاع الدور القيادي

الشراكة السعودية التركية باتت تمثل بديلا للمشاريع التي تهدف لدمج إيران ضمن منظومة الخليج العربي التي تفترض إشراك العراق تحت مسميات جديدة كبديل لمجلس التعاون الخليجي. مسألة تطمح الولايات المتحدة لتحقيقها عبر تفكيك مجلس التعاون الخليجي وإعادة تركيبه ليتناسب مع متطلباتها الإستراتجية الجديدة في العالم والمنطقة؛ أمر ترفضه السعودية وترى فيه تهديدا لمكانتها ولمكانة دول الخليج العربي، في حين ترى فيه تركيا تهديدا لمكانتها في حلف الناتو ولعلاقاته المستقبلية بالاتحاد الأوروبي لصالح إيران.

اللقاءات السعودية التركية أصبحت شبه روتينية ومرتبطة بالتطورات السريعة في المنطقة، والتي تمثل قوة دفع كبيرة تساعد على التقارب بين الدولتين، فزيارة رئيس الوزراء التركي للسعودية جاءت لإتمام الترتيبات لتفعيل الشراكة التركية السعودية الشاملة في ظل التحديات المتصاعدة في الإقليم؛ وعلى رأسها الأزمة السورية وتفاعلاتها التي دفعت طهران نحو الصدارة، فمحور الاهتمام السياسي في هذه اللقاءات كان منصبا على الأزمة السورية ومواجهة التحديات الإقليمية.

وزير خارجية السعودية عادل الجبير أكد في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره التركي جاويش أوغلو في الرياض أن «السعودية وتركيا لن تتوقفا عن دعم المعارضة سواء شاركت في مؤتمر جنيف أو امتنعت عن ذلك»، ما يعني أن القوائم والترتيبات الأمريكية والروسية ليست مسلمات من المفترض الانجرار وراءها بسهولة ودون مقاومة.

في اللقاءات الصحفية المشتركة أعلنت السعودية عن تضامنها مع تركيا في مواجهة الانتهاكات الروسية لأجوائها، مؤكدة حق تركيا في الدفاع عن نفسها بكافة الوسائل، وعلى الرغم من أن الجبير أكد أن الشراكة التركية السعودية تشمل العديد من الأوجه الاقتصادية والتعليمية إلا أن الأزمة السورية وأطرافها الفاعلة؛ روسيا وإيران كانت الأكثر حضورا في تصريحات المسؤولين.

تصريحات وزير الخارجية التركي جاويش اوغلو حول الجهود التي تبذل لتطبيع العلاقات المصرية التركية مثلت مؤشرا قويا على أن الشراكة التركية السعودية باتت تأخذ منحى أكثر جدية، وتتناول العديد من الملفات الساخنة التي قد تقف عائقا أمام تطوير العلاقات بين البلدين، مؤشر جديد على أن البلدين باتا على مقربة من تخطي كافة العوائق لتطوير العلاقات وبناء تحالف إقليمي صلب ظهرت معالمه الأولى في التنسيق الواضح المرتبط بتشكيل وفد المعارضة السورية ودعمها.

الجبير لم يعلق على تصريحات جاويش عن اللقاءات المصرية التركية إلا أنه عاد ليؤكد أهمية التحالف التركي السعودي لمواجهة التهديدات الإيرانية والأزمة السورية؛ فضلا عن كونهما يمثلان أقوى اقتصادين في المنطقة، فمجموع الناتج القومي للدولتين يقارب التريليون دولار؛ ما يؤهلهما ليتحولا إلى كتلة اقتصادية قادرة على جذب القوى الإقليمية والدولية.

التحالف التركي السعودي أخذ يتبلور بسرعة أكبر على وقع الإعلان عن رفع العقوبات الدولية على إيران، وعلى وقع مؤتمر جنيف، فالدولتان تشعران بالخذلان من الحليف الأمريكي وتملكان أهدافا ورؤى مشتركة تجاه العديد من الأزمات؛ وهما قادرتان من خلال التعاون بينهما على إخراج مصر من أزمتها الداخلية المتفاقمة ولعب دور قيادي في الإقليم قادر على جذب اهتمام القوى الدولية والإقليمية.

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب : عبّاس وغانتس: إجماع فاسد أم انقسام حميد؟

لا ينتعش محمود عبّاس، وتدبّ فيه الحياة والقدرة على استئناف نشاطه في “مقاومة المقاومة” إلا …