قانون “مصادرة الأملاك” في سوريا يثير مخاوف اللاجئين وشكوك الحقوقيين

القانون المتعلق بالأملاك والذي صدره نظام السفاح بشار الأسد في سوريا مؤخرا، يثير جدلا واسعا. ففي وقت يظهر وكأن هدفه إعادة الإعمار، يتخوف لاجئون من أن يؤدي لتجريدهم من أملاكهم، في حين يخشى حقوقيون من أن تكون غايته “مصادرة أملاك” معارضي النظام.

قبل سنة ونصف وصل زياد أبو طارق إلى ألمانيا، هارباً من سوريا، خوفاً من أن يلقى مصير أخيه الذي “استشهد تحت التعذيب”، كما يقول لمهاجر نيوز، ويضيف “بعد خروجي من حمص لم يبقَ لوالدتي وأخواتي الاثنتين وعائلة أخي أحد يعيلهم”، ويتابع: “أتواصل معهم ويؤكّدون لي أن الأوضاع في حمص صعبة وليست آمنة لجميع الناس كما يروج النظام”.

ويقول إن والدته اضطرت لمغادرة منزلها، لأن الحيّ الذي تسكن فيه “أصبح مكاناً للغرباء”، على حد تعبيره. ويؤّكد اللاجئ السوري الذي يبلغ الرابعة والأربعين من العمر أن إسكان “غرباء” في أحياء مدينته دون علم أهاليها ليس أمراً جديداً ويتابع “حتى بيتي الذي انقصف عام 2013، لا أستبعد أن يعطوه لشخص آخر، بحسب صحيفة : المهاجر نيوز”.”.

وقد زادت المخاوف لدى أبو طارق من إمكانية “مصادرة ملكية” أرضه، كما يقول، بعد القانون رقم 10 لعام 2018، والذي أصدرته الحكومة السورية، في بداية هذا الشهر نيسان/ أبريل، والذي يلزم مالكي المنازل والأراضي بتقديم ما يثبت ملكيتهم لعقاراتهم خلال مدة تبلغ ثلاثين يوماً، وإلا فإنهم يخسرون ملكيتها.

“عقاب جماعي للمعارضين”

وبالرغم من أن القانون المثير للجدل يسمح “لأقارب أصحاب الحقوق حتى الدرجة الرابعة أو بموجب وكالة قانونية” إمكانية إثبات ملكية العقار، إلا أن ملايين اللاجئين السوريين مهددون بخسارة منازلهم التي تركوها وراءهم بصورة نهائية، وذلك لأن إثبات الملكية يحتاج إلى موافقات أمنية من المخابرات، كما ذكر تقرير لصحيفة تايمز البريطانية، وهو ما لا يمكن للأشخاص المعارضين للحكومة السورية الحصول عليه.

ويؤكد المستشار القانوني في ألمانيا، فواز الرفاعي والذي زاول المحاماة في سوريا لمدة عشرين عاماً، أن القيام بأي إجراءات رسمية في سوريا الآن يحتاج إلى تراخيص من الفروع الأمنية، ويقول لمهاجر نيوز “بالرغم من أن هدف القانون يبدو في الظاهر إعادة إعمار المناطق المتضرّرة أو تنظيم العشوائيات، إلا أن الغاية الأساسية منه هي مصادرة أملاك أيّ شخص معارض”، ويضيف “الخطير في هذا القانون هو نصه المطلق الذي يعطي السلطات إمكانية إعادة توزيع ملكية أيّ عقار في أيّ منطقة من سوريا، لأنه لم يحدّد مناطق التنفيذ”.

ويعتقد الرفاعي أن قرار “إلغاء الملكية” ليس سوى تمهيد لقانون آخر وهو “إلغاء الجنسية”، والذي لا يستبعد إصداره قريباً، ويقول “يسعى الأسد من خلال قوانين كهذه إلى تحقيق التجانس الذي يريده في سوريا المفيدة التي ليس فيها مكان لمعارضيه”.

ويرى السوري سامي أ. المقيم في برلين أن هذا القانون هو “عقاب جماعي” للمعارضين، ويقول لمهاجر نيوز “بالرغم من أنني أمتلك مع إخوتي بيتاً في دمشق، إلا أننا لا نستطيع أن نذهب لنثبت ذلك، فنحن من المعارضة ولا يمكننا السفر إلى دمشق”. 

ألمانيا تدين القانون وتطالب بالضغط

قانون “مصادرة الملكية” الذي أصدرته الحكومة السورية، قوبل باستياء كبير من الحكومة الألمانية، حيث عبّرت الخارجية الألمانية عن قلقها الكبير من “محاولات نظام الأسد التشكيك في حقوق الملكية لكثير من السوريات والسوريين الفارين، وذلك عبر قواعد قانونية مريبة”، وذكرت الوزارة أن نظام الأسد يحاول على ما يبدو “تغيير الأوضاع في سوريا على نحو جذري لصالح النظام وداعميه وتصعيب عودة عدد هائل من السوريين”.

وقد طالبت الحكومة الألمانية الأمم المتحدة بتبني هذه القضية، داعية في الوقت نفسه “داعمي نظام الأسد، وروسيا في المقام الأول، إلى الحيلولة دون تطبيق هذه القوانين.”

ويشير المستشار القانوني فواز الرفاعي إلى إمكانية اللجوء إلى المحاكم ودوائر القرار الأوروبية من أجل أن تقوم بالضغط على حلفاء النظام السوري لإلغاء هذا القانون وتداعياته، مؤكّداً في الوقت نفسه على ضرورة عودة كلّ شخص لا يواجه أية مخاطر أمنية في سوريا إلى بيته، لكي لا يخسره.

 وقد صدر القانون المتعلق بـ”تنظيم الملكية” بعد عدة أيام من سيطرة القوات الموالية للحكومة السورية على الغالبية العظمى من مناطق الغوطة الشرقية، وإجلاء أهلها إلى إدلب، التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى من المعارضة المسلحة.

ولا يستبعد اللاجئ السوري زياد أبو طارق “استمرار الأسد في تطبيق خطته في مصادرة الأراضي وإجراء التغيير الديمغرافي، وسط صمت المجتمع الدولي”، ويتساءل مستنكراً “إذا لم تتحرك الدول ضد الأسد بسبب إزهاقه لعشرات آلاف الأرواح، فهل ستفعل شيئاً كي تبقى البيوت لأصحابها؟” .

شاهد أيضاً

لقاء خاص مع الدكتور محمود حسين القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين في ذكرى التأسيس