مصافحة السيسي -أردوغان .. اختراق أم مصالح متبادلة بلا عواطف؟

لطالما وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبد الفتاح السيسي بـ “الدكتاتور” و”القاتل” بسبب انقلابه العسكري علي الرئيس الشرعي محمد مرسي، واغتصابه منصب الرئاسة بالدبابة وقتله مئات المصريين خاصة من التيار الإسلامي خلال اعتصامات رابعة العدوية والنهضة وغيرها.

وحين استشهد الرئيس مرسي في يونيو 2019 في قاعة المحكمة بعدما رفض قضاة السلطة تلبية طلباته بالعلاج أو التحقيق في محاولات قتله التي حذر منها المحكمة أكثر من مرة، علق إردوغان على وفاته بالقول “إن التاريخ لن يرحم أبدا الطغاة الذين أوصلوه إلى الموت عبر وضعه في السجن والتهديد بإعدامه”.

وتحدث أردوغان عدة مرات مستبعدا لقائه بالانقلابي السيسي الذي سبق أن التقاه مرة واحدة وهو وزير الدفاع في حكومة الدكتور هشام قنديل وتحت رئاسة الرئيس مرسي، وسمح فقط لوزرائه بلقاء وزراء مصريين لمصلحة الشعبين لا نظام السيسي.

حيث أكد اردوغان سابقا أنه “لن يتحاور أبدا” مع “شخص مثل” السيسي الذي أطاح الرئيس الشهيد مرسي عام 2013.

لذا حظيت المصافحة التي جرت بين الرئيس إردوغان وعبد الفتاح السيسي برعاية قطرية على هامش افتتاح مونديال قطر بمساحة تحليل واسعة لدى الكتاب والمحليين واعتبره إعلاميو السلطة في مصر انتصار لـ “شرعية” السيسي التي لم يكن يعترف بها أردوغان، ورضوخ تركي بينما استبعد مراقبون اختراقا في العلاقات بعدها بسبب الملفات الخلافية الصعبة بين النظامين خاصة ليبيا وغاز البحر المتوسط ودعم مصر لليونان العدو اللدود لتركيا، بحسب موقع “إنسان للإعلام”.

احتمالات عودة العلاقات المصرية التركية يمكن النظر لها من زاوية: (الأولي): ما هي حاجة ومصلحة كل طرف للآخر والتي دفعت لأول مصافحة بين أردوغان والسيسي مثل حاجة السيسي لاعتراف تركي بنظامه وعلاقات اقتصادية تفيد الاقتصاد المصري المتدهور.

وتركيز أردوغان كما قال بنفسه على ترسيم الحدود البحرية وتحييد مصر في صراعه مع اليونان، حيث ترغب تركيا في أن تستفيد من غاز البحر المتوسط لكن اليونان واسرائيل وقبرص سعوا لترسيم حدودهم مع مصر وأنظمة عربية أخري لمحاصرة تركيا ومنعها من البحث عن الغاز في مناطق عدة بالبحر المتوسط بدعوي أنها مناطق بحرية خاصة بالبلدان الأخري دون تركيا.

وفي 7 أغسطس 2020 وقعت مصر واليونان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، خلال زيارة لوزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، إلى القاهرة اغضب تركيا، وجاء بعد دعم تركيا لحكومة الوفاق الليبية في طرابلس ضد غزو الانقلابي خليفة حفتر (دمية السيسي وأبن زايد) للعاصمة.

و(الثاني) الطروف الإقليمية والدولية والعلاقات الدبلوماسية التي تحتم على كل دولة تغيير تحالفاتها وتغيير خصوماتها احيانا الي مصالحات بغرض تحقيق مصالحها التي لن تتحقق بدون تبادل منافع وعلاقات دبلوماسية مع الدول الأخري وهو ما تستشعره تركيا بسبب حالة العداء الغربي لنهضتها الاسلامية وتطوير صناعتها العسكرية وعلمها برغبة السيسي في ذلك حتى أن كاتب تركي كتب يقول إن السيسي كان يرسل شحنات مانجو هدايا مع وزراء تركيا الذين زاروا مصر لأردوغان، بحسب موقع “ميدل إيست آي” البريطاني.

والأهم تحليل لردود أفعال كل طرف الرسمية والإعلامية لمعرفة إلى أين ستصل الأمور وهل هي مجرد مصافحة أم اختراق في العلاقات؟

تحليل للمصافحة

كان من الواضح منذ دعوة أمير قطر للسيسي وأردوغان معا لحضور افتتاح المونديال أنهما سيلتقيان لأن المكان ضيق ومقاعد الضيوف متراصة وأردوغان سوف يضطر لمصافحة جميع الرؤساء والمسئولين ويمر بالسيسي ولو غاب سيحرج أمير قطر.

وكان ملفتا أن مقاعد السيسي وأردوغان أيضا متجاورة ولا يفصل بينهما سوي أمين عام الأمم المتحدة ما يجعل من الصعب تواصلهما.

وقد نشرت عدة صور للمصافحة منها أن السيسي كان يضع كلتا يديي أردوغان بين يديه العلوية والسفلية كنوع من الحميمية والترحيب، وبالمقابل رد أردوغان بنفس الطريقة لكن صحف مصر نشرت صورة وضع أردوغان يده فوق يد السيسي مرحبا كأنه هو الذي يريد المصافحة بينما نشر وكالات عالمية صورة السيسي وهو يضع يديه بترحاب رغم ظهور أردوغان عابسا في وجه السيسي في كل الصور.

و”المصافحة” التي انتشرت لها الكثير من الصور كانت الأولى من نوعها بينهما وجاءت بعد أشهر طويلة من “محادثات استكشافية” بدأتها أنقرة والقاهرة، من أجل إعادة تطبيع العلاقات المتوترة بشدة، منذ انقلاب السيسي واغتصابه كرسي الحكم.

وجرى هذا النوع من المحادثات على مرحلتين، الأولى في شهر مايو من عام 2021 والثانية في سبتمبر من العام ذاته، لكنها لم تحدث أي خرق على المستوى السياسي وفشل تطبيع العلاقات بسبب رفض تركيا مطلبي مصر الرئيسيين وهما ترحيل وتسليم المعارضين المصريين والخروج من ليبيا ورفض مصر مطالب تركيا فيما يخص اتفاقاتها مع اليونان وترسيم الحدود مع أن الاتفاق مع تركيا يعطي مصر مساحة بحرية أكبر للبحث عن الغاز كما فعلت ليبيا في اتفاقها مع انقره الذي أغضب اليونان.

وعاد التوتر مجدداً بين البلدين مع توقيع أنقرة وطرابلس على اتفاق للتعاون في التنقيب عن الغاز والنفط في حدود مناطق اتفاق ترسيم الحدود البحرية الموقع بين البلدين والذي يتعارض ويتداخل مع مناطق اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان وهو ما دفع البلدين لإعلان رفض الاتفاق والتلويح بإجراءات لمنع أي تحركات تركية في المناطق المتنازع عليها.

وعلى الرغم من استبعاد أن يكون اللقاء جرى الترتيب له بشكل مسبق، واعتبار ما جرى مجرد مصافحة بين أردوغان والسيسي على غرار ما جرى مع باقي الزعماء، إلا أنه يعتبر اختراقا كبيرا في العلاقات بين البلدين عقب سنوات طويلة من القطيعة والخلافات السياسية الحادة.

كما تكمن أهمية اللقاء أنه يأتي عقب أسابيع قليلة من إعلان القاهرة تعثر المباحثات مع أنقرة حول إعادة تطبيع العلاقات بسبب تجدد الخلافات بين البلدين حول الملف الليبي وشرق المتوسط وهو ما يؤشر إلى إمكانية عودة قريبة للمحادثات الاستكشافية التي توقفت والتي كان يتوقع أن تتطور لمباحثات دبلوماسية رفيعة ولقاء على مستوى وزراء الخارجية يمهد لعقد لقاء بين أردوغان والسيسي.

وملفت أيضا رمزية وأهمية حصول المصافحة الأولى في قطر التي أعادت تطبيع علاقاتها مع مصر مؤخراً، حيث جرى الحديث كثيراً عن إمكانية أن تلعب الدوحة دور الوسيط لإعادة تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة التي لا تخفي رغبتها الواضحة في تحسين العلاقات مع مصر في سياق مسار دبلوماسي أوسع يهدف إلى العودة لسياسة صفر مشاكل التي نجحت من خلالها في إنهاء الخلافات مع السعودية والإمارات ودول أخرى تعتبر حليفة للقاهرة.

وبحسب موقع “المونيتور” الأمريكي 22 نوفمبر 2022 كانت المصافحة بين السيسي وأردوغان غير متوقعة لعدة أسباب.

فقبل ثلاثة أسابيع فقط من المصافحة أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري أن المحادثات مع تركيا، حيث اجتمع كبار الدبلوماسيين لتحسين العلاقات، قد توقفت بسبب السياسات التركية في ليبيا.

وعُقدت ما يسمى بالمحادثات الاستكشافية بين الجانبين، والتي أجراها نواب وزير الخارجية في البلاد، مرتين -في القاهرة في مايو 2021 وأنقرة في سبتمبر 2021.

سبب آخر هو أن أردوغان، في طريق عودته من بالي حيث حضر اجتماع مجموعة العشرين، قال إنه قد يلتقي ويفتح صفحة جديدة في العلاقات مع السيسي وكذلك الرئيس السوري بشار الأسد لكن بعد انتخابات منتصف 2023 في تركيا.

خارطة طريق

وحتى الآن لم تتضح تفاصيل الخطوات التي ستسلكها أنقرة والقاهرة في المرحلة المقبلة من أجل “تطوير العلاقات الثنائية”، فيما تحدث الناطق باسم الخارجية المصرية عقب “لقاء المصافحة” بأنه “تم التأكيد المتبادل على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي، كما تم التوافق على أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين”.

لكن صحيفة “حرييت”، المقربة من الحكومة نشرت 25 نوفمبر 2022 ما أسمتها بخارطة الطريق التي ستتبع لتطبيع العلاقات التركية-المصرية، خلال الفترة المقبلة.

واعتبرت الصحيفة أن “المصافحة القصيرة ساعدت في تجاوز حاجز ضخم بين البلدين”، و”بالتالي ستكون الاتصالات أكثر كثافة وسرعة”.

وتتألف “خارطة الطريق” من سلسلة خطوات، وسيكون أولها عقد اجتماع رسمي بين وزيري الخارجية وعلى الرغم من لقاء مولود جاويش أوغلو بنظيره سامح شكري في اجتماعات ثنائية على هامش بعض اللقاءات الدولية من قبل، إلا أنهما لم يجريا أي محادثات ذات طابع وسياق رسمي.

وبعد هذه الخطوة “سيتم تعيين سفراء مشتركين، مع العلم أن تمثيل البلدين حاليا على مستوى القائم بالأعمال في العواصم المشتركة”.

وتضيف الصحيفة: “سيقدم الاسم المعين (سفير تركيا الجديد) كتاب الاعتماد الذي وجهه إليه الرئيس أردوغان إلى السيسي وبهذه الخطوة، سيتم تمرير التطبيع الكامل”.

وتنقل “حرييت” عن مصادر قولها إنه “ورغم التوتر السياسي بين تركيا ومصر لم يؤثر ذلك على التجارة بين البلدين”، ومن المتوقع أن تكون مسألة زيادة التجارة بين البلدين هدفا كبيرا.

وتستعد “أرتشيليك”، وهي واحدة من أكبر العلامات التجارية في تركيا، لاستثمار “مهم” في مصر، بينما تعتزم القاهرة وأنقرة التوقيع على اتفاقية الطاقة، و”التي تمت دراستها بالتفصيل من قبل”

وفي آخر لقاء تجاري جمع بين رجال أعمال أتراك ومصريين بالقاهرة في شهر أغسطس 2021 قال القائم بأعمال السفارة التركية في القاهرة صالح موطلو شن، إنهم يتوقعون زيادة في حجم التبادل التجاري بين تركيا ومصر والارتقاء به إلى مستويات متقدمة، مبيناً أن حجم التجارة بين البلدين ارتفع بنسبة 85% خلال الربع الأول من العام الجاري وصولاً إلى 2.5 مليار دولار مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2021 التي سجّل فيها 1.3 مليار دولار فقط، وفقاً للأناضول.

ويشير مسؤولون أتراك إلى أنه “إذا تم التوقيع على اتفاقية بشأن ترسيم الحدود البحرية بين القاهرة وأنقره فإن “الورقة الرابحة لليونان في شرق البحر الأبيض المتوسط ستضعف”.

لكن صحفيون مصريون ومصادر أخري، مثل تصريحات مدير تحرير جريدة “الأهرام”، أشرف العشري لقناة “الحرة” بدأت تسرب أنه سيكون هناك اجتماعات على مستوى كبار المسؤولين الأمنيين بين رئيسي المخابرات في المرحلة المقبلة، ثم لقاء وزراء الخارجية في أنقرة، بعدما أجل سامح شكري ذلك على مدى عامين.

قالت: “لن يعود السفراء إلا عندما تحد تركيا من تواجدها في ليبيا بينما لن تقبل مصر أي مطالب تركية أو شروط مقابل أن تضحي بعلاقتها مع اليونان”!

وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد أشاد بالخطوات المتخذة في تركيا مؤخرا على طريق تطبيع علاقات البلدين، لكنه قال إن بلاده لديها “طلبات وتوقعات من الجانب التركي”.

وأكد شكري أن “مراعاة أنقرة لهذه المطالب” من شأنه أن يذلل الصعاب بين البلدين، ويفتح المجال لاستكشاف إلى أي مدى يوجد تحول في السياسة التركية.

وفي المقابل، اعتبر أردوغان في تصريحات سابقة أن مصر “ليست دولة عادية” بالنسبة لبلاده، وأن أنقرة تأمل في تعزيز تعاونها مع مصر ودول الخليج إلى أقصى حد “على أساس نهج يحقق الفائدة للجميع”

المصالح تسبق المبادئ

في عالم السياسة تسبق المصالح دائما المبادئ ولا مجال كبير للعواطف، ولأن هناك مصالح عديدة بين البلدين كان لابد من التواصل بصرف النظر عمن يحكم البلدين.

لذا كانت المفاوضات السابقة التي فشلت أحد هذه المحاولات للبحث عن مصالح مشتركة وتنحية العواطف والمبادئ مؤقتا بسبب الوضع الإقليمي والعالمي المرتبك.

ومع أن مصالح تركيا للتخلي عن رفضها التصالح مع السيسي انحصرت في أمور استراتيجية مثل غاز البحر المتوسط والصراع مع عدوتها التقليدية التاريخية اليونان، كانت مصالح نظام السيسي شخصية مثل شرعية السيسي واستضافة تركيا معارضين من جماعة الإخوان خصوصا.

كانت هناك قناعة لدى صناع القرار ومستشاري إردوغان بضرورة العمل مع مصر، لأن المصلحة تتقدم على المبادئ فيما يخص علاقات البلدين السياسية والاقتصادية، لكن لدي السيسي وأركان حكمه تتلخص في تسليم أعضاء من الإخوان ومنع الفضائيات المعارضة الناجحة في تركيا من العمل لأنها تفضح السيسي وفساد نظامه.

ما يهم تركيا خلال المرحلة المقبلة هو موضوع الغاز والتنقيب في شرق المتوسط وسبق لأنقرة أن أشادت بالموقف المصري فيما يتعلق بأهمية مراعاة الجرف القاري التركي في شرق المتوسط.

بينما يرغب السيسي أيضا في أن ينجح الانقلابي حفتر في ليبيا في انهاء ثورة ليبيا كما فعل السيسي ويعيد البلاد للديكتاتورية خاصة بعدما فاز الإسلاميون ومنهم رموز من جماعة الاخوان وبعضهم في المجلس الرئاسي.

وقد لخص نائب وزير الثقافة التركي سردار جام في سلسلة تغريدات عبر حسابه على تويتر 21 نوفمبر 2022 هذه المصالح التي تتغلب على العواطف في العلاقة مع مصر مركز على عدة نقاط منها:

· يتم اتخاذ الخطوات التي تلزم لمصلحة البلاد بحسب التطورات السياسية في العالم، وما قد يكون خطأ أمس قد يصبح صحيح اليوم والعكس، تماماً كما يقوم الغرب الأن بمدح بلادنا بعد أن كان يهاجمها يوم أمس!

· إن “الزعل” أو العتب قضايا إنسانية، بينما النزاعات في الدبلوماسية أو إقامة العلاقات الطيبّة تكون مبنية على المصالح المتبادلة، ولا مكان للنزاع الدائم، وسؤال: “لماذا تعود العلاقات التي كان متوترة في الماضي” لا ينطبق على العالم الدبلوماسي”.

· إن وقوف تركيا ضد الإنقلاب في مصر في 2013 بالتزامن مع حديث عن انقلاب قد يحدث في تركيا (وقعت محاولة في 2016)، لم تكن رسالة إلى مصر فحسب، بل كانت رسالة أيضاً إلى من يحاول المساس بتركيا.

· لا يتم تشكيل سياسات الدول بشكل عاطفي، وتستخدم الدول الدبلوماسية كي لا تقع الحروب، فأحياناً تكون هناك حاجة إلى لغة ناعمة وأحياناً خشنة، وأحياناً كلاهما معاً.

· رغم أن آلام الشعوب لا تُنسى، إلا ان علاقات الدول تستمر، ولهذا السبب صرنا أصدقاء وحلفاء مع الدول التي هزمناها في جناق قلعه ولهذا السبب بدأ اتاتورك علاقات صداقة مع رئيس وزراء اليونان بعد حرب الإستقلال.

· كان الانقلاب في مصر صدمة كبيرة، وقد أبكت الأحداث هناك الكثير من المسلمين بما فيهم الأتراك لكن قدرتنا على المناولة الدبلوماسية كانت قد انتهت (بعد طرد سفيرنا من القاهرة).

· هناك نظام عسكري قوي (في مصر) يدير السياسة والاقتصاد، ولم تتغير هذه القوى في أي فترة بما فيها فترة مرسي، وفي وضع التوازانات الداخلية هذه، فإن تغيّر ديناميكيات السياسة هناك لا يغيّر من أي حقيقة في الوضع.

· التيارات الإسلامية المعارضة في مصر ترغب منذ مدة طويلة في تقارب العلاقات بين مصر وتركيا (معلومة ذكرها دون دليل) لأن تقارب تركيا مع مصر يسهم في صالح الداخل بمصر، و”حركة الإخوان المسلمين لم تعد لها مكانتها السابقة لأن النظام حمل الإخوان فاتورة القنابل المفجرة والناس الأبرياء الذين قُتلوا، وكرهها قسم كبير من الناس (تصور غير صحيح).

ما بعد المصافحة

كانت تصرفات الطرفين ما بعد المصافحة مؤشر واضح لما ستؤل له الأمور، رغم توقع أن ينتظر الطرفان فترة قبل ترتيب لقاءات دبلوماسية جديدة لتحسين العلاقات بدل اللقاءين السابقين الفاشلين عام 2021.

في تصريحات للصحفيين على متن الطائرة في أثناء رحلة عودته من قطر بعد مشاركته في افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، أكّد الرئيس التركي أنّ مطلب بلاده الوحيد من المصريين بالتوازي مع اللقاءات بين البلدين، أنّ يقولوا لمن يتخذ مواقف معادية ضد تركيا (يقصد اليونان) في منطقة المتوسط: “نريد إرساء السلام في المنطقة”.

قال إردوغان: “قلنا إن هناك عملية يمكن أن تبدأ، لقد تم اتخاذ خطوة هنا لبدء مثل هذه العملية”، في إشارة منه إلى مسار تطبيع علاقات بلاده مع مصر وأضاف أن “كل ما نطلبه منهم هو أن نحقق السلام هنا لمن يتخذ موقفا ضدنا في البحر الأبيض المتوسط”.

وأضاف: “آمل أن نمضي بالمرحلة التي بدأت بين وزرائنا إلى نقطة جيدة لاحقًا عبر محادثات رفيعة المستوى”.

وكان الرئيس التركي قد قال في تصريحات أدلى بها في ختام مشاركته في قمة زعماء مجموعة العشرين في جزيرة بالي الإندونيسية قبل مصافحته السيسي أكد فيها إنّ بلاده يمكن أنّ تعيد النظر في علاقاتها مع كلّ من مصر وسورية، وذلك بعد الانتخابات التركية المقبلة في يونيو 2023.

وفي موازاة ذلك، عقد لقاء مصري تركي على مستوى أمني (استخباري)، في نفس الشهر نوفمبر 2022 تطرق لعدد من الملفات التي تحظى باهتمام مشترك لدى البلدين بحسب صحيفة “العربي الجديد”.

في المقابل لم يصدر أي تعليق من جانب عبد الفتاح السيسي لكن الرئاسة المصرية، قالت إنه تم التوافق بين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان، على أن يكون لقاءهما في الدوحة “بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.”

وأفاد البيان أن السيسي تصافح مع الرئيس أردوغان بالدوحة، حيث تم التأكيد المتبادل على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي.

لكن الامور لم تشر بطريقة ايجابية حسبما صدر عن خارجية البلدين حيث انتقدت مصر قيام تركيا بالتدخل في سوريا والعراق عبر توجيه ضربات لتنظيم “بي كا كا” الذي نفذ تفجيرا في اسطنبول قتل فيه 5 واصيب 43، وانتقدت تركيا لقاء بن وزيري خارجية مصر واليونان بشأن ترتيبات بحرية في البحر المتوسط.

وصرح المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصري أحمد أبو زيد أن القاهرة “تتابع بقلق شديد ما تشهده الدولتان العربيتان الشقيقتان العراق وسوريا على مدار الأيام الماضية من اعتداءات من جانب إيران وتركيا تنتهك سيادة كل دولة على أراضيها”.

وبالطبع خرس إعلاميو السلطة الذين يتحركون بجهاز سامسونج وقال أحمد موسى عن القمة المصرية التركية خلال تقديمه لبرنامج «على مسؤوليتي» على قناة «صدى البلد»: الأمور محتاجة هدوء ونظرة، المواطن معندوش الصورة الكاملةـ الصورة الكاملة عند السيسي، وأي خطوة يتخذها هدفها الشعب المصري.

وكان ملفتا أن مراسل القاهرة الإخبارية (قناة المخابرات) فى ‎الدوحة قال أن “قمة مصرية تركية تجرى الآن على هامش افتتاح كأس العالم فى قطر بين عبد الفتاح ‎السيسي ونظيره التركي رجب طيب”، وهو ما لم يحدث حيث أقتصر الأمر علي المصافحة

وقالت الأمر نفسه قناة “إكسترا نيوز” التابعة للشركة “المتحدة للخدمات الإعلامية” المملوكة لجهاز المخابرات العامة وإن “قمة مصرية تركية عقدت بين الرئيسين السيسي وأردوغان، على هامش افتتاح كأس العالم”.

وبشكل عام لا تزال العلاقات مهددة بالفشل بسبب مجموعة من القضايا، منها تضارب المصالح في ليبيا، ووجود معارضين من بينهم قادة جماعة الإخوان المسلمين في تركيا، فضلا عن الصراع الحاصل في شرق المتوسط، والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مؤخرا بين مصر واليونان.

ولم تتطرق أنقرة خلال العامين الماضيين إلى ملف المعارضين المصريين رغم تأكيدها رفض تسليم أحد، لكنها حجمت عمل وسائل الإعلام المصرية المعارض لنظام السيسي والموجودة في إسطنبول، من بينها “الشرق” و”مكملين”.

وترتبط تركيا ومصر بعلاقات دينية وثقافية وتاريخية قوية ومتجذرة، فمنذ ضمّ مصر إلى مظلة الحكم العثماني على يد السلطان العثماني سليم الأول عام 1516، بقيت مصر جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، فحارب الأسطول المصري إلى جانب العثمانيين لصدّ التمرد في الجزر اليونانية بين عامَي 1822 و1832، إلى أن دخلت تحت الحكم البريطاني عام 1883.

وتحت الحماية البريطانية في بداية الحرب العالمية الأولى، لم تتمكن مصر من تطوير علاقات دافئة مع الجمهورية التركية بين عامَي 1922 و1925.

على الرغم من ذلك أقامت تركيا علاقات دبلوماسية مع مصر عام 1925 على مستوى القائم بالأعمال، ورفعت مهمتها في القاهرة إلى مستوى السفراء عام 1948.

وعلى المستويين الثقافي والديني، كان الأزهر منارة علم مهمة استقطبت طلبة ومدرسي العلوم الدينية من تركيا، سواء في الحقبة العثمانية أو حقبة الجمهورية التركية.

ودعماً للطلبة والمدرسين القادمين من تركيا، خصص الملك فاروق فندق بغداد لاستضافتهم مجاناً، إلى أن أُطيحَ بحكمه منتصف عام 1953 بالإضافة إلى ذلك، يواصل مركز يونس إمرة الثقافي أنشطته منذ افتتاحه في القاهرة عام 2010 على أساس اتفاق بين البلدين.

 

 

شاهد أيضاً

حماس: المرونة التي نبديها لا تعني التراجع عن شروطنا وإسرائيل لا يعنيها أسراها

قال القيادي في حركة “حماس” باسم نعيم، إن “إسرائيل باتت تفهم المرونة التي تبديها حماس …