م.محمد صالح البدراني يكتب: العراق المغتصب بوحشية

ما معنى سيادة رددها السيد العبادي ومن ثم السيد عبد المهدي!

    نسمع حديثا عن السيادة العراقية، حسن لا بأس من امنيات الغشم على أرصفة السَمَر، لكن أن يصبح الكلام رسميا من البلد المحتل وقوى الاحتلال التي تحتله فهذا معناه إصرار على استنزاف العراق واستغفال شعبه بصروح الوهم التي لا تمسك الأرض ليؤسس لبناء.

    العراق مدوّل منذ 1990 ومازالت القوى الشرقية والغربية تلعب به كالرياح من الأبواب المفتوحة.

    العراق ليس محتلًا من الولايات المتحدة، ولا من دول التحالف وحسب ولا من دول الجوار أومن يؤيدهم فيه، إنما هنالك احتلال هو المظهر الحقيقي لبشاعة ما فيه؛ وهو احتلال الفساد وسرقة أموال العباد فيه، بل وحياتهم ومستقبلهم ومستقبل احفادهم

    العراق ما رُحم من جار ولا من بعيد، تداعت الناس عليه وعلى نفطه وشعبه المالك للثروات الجائع اليوم المشرد النازح غاية حلمه أن ينام بأمان، أو يعمل كأي إنسان وأن يعيش ويحسّ بالحياة، شباب العراق قسم كبير منهم ولد ومات وهو لا يعلم لِمَ ولد ولِم عاش، ولا يعرف ما معنى الراحة والرفاهية أو حتى السرور، ولا أدري ماذا سيجيب حين يسأل عن عمره فيما أفناه، وأي مال أو علم صادفه في مسعاه.

   العراق محتل من مافيات الفساد، منهم من أبناءه ومنهم من كانوا من أبناءه ويحملون جنسيات أخرى يحتقرون العراق وأهله، ويحبون أمواله ليعيش أبناءهم برفاهية حيث هم، هؤلاء خانوا العراق منذ زمن، ولكن لا يشعرون؛ لأن الخيانة موقف وقيمة أخلاقية لا نتحدث هنا عن كونها إيجابية أو سلبية من حيث الأخلاق، ولكن نتحدث عن مظهرها في السلوك، والذي يجعل هؤلاء يسرقون وينهبون ويرون الناس تجوع وتتألم، وشباب يموت ومدن تدمر، وهم لا إحساس ويدعون الناس لشكر الله على وجودهم كيف لا، أليس هم أحزاب دينية، والشعب يستطيع اللطم دون اعتراض!!.

  الحق أقول لكم: إن التدين غريزة بشرية وإن الدين تعقله الأدمية وشتان بين الثرى والثرية!

   أنحارب غيرنا ونسبه ونخاطبه بتقنيات هو صنعها؟!، ولا يشكروها لأنها أتت بهم لتحولهم من نكرات إلى أسياد للبلاد، يطردون سادة العراق، ويقتلون نخبته.

دعونا نرى الحقيقة:

   الحقيقة أننا بلد محتل من أنواع الاحتلال المختلفة، احتلال يزعم الإسلام وهو جاهل به مخرب له عار عليه وعلى انتمائه له، واحتلال متخلف يمتص الموارد وينشر الأحزان ويقتل الناس في كل مكان.

      واحتلال أتى بدباباته فما ارتحل إلا ليرينا ما ترك من حشرات وكيف تتصرف في الملمات.

تعدد الرأي وزادت المحن:

  • رأي يقول: دعونا نقرّ بالاحتلال وأننا بلد محتل وأن ما موجود ليس حكومة وما هي إلا محض سلطة.

فحلوا البرلمان والرياسة، وأبقوا على السلطة وحدها ووفروا الأموال لنستطيع مع المحتل إعادة البناء لما خربه هو ومن جاء معه.

ثم تتوسع الفكرة إلى حل السلطة أيها المحتل، وآتنا بأناس بها قليل من الرحمة وقليل من صفة الانسان.

لا تستغربوا منا فلا نقر إلا واقع العراق وما يمكن أن يكون، فالعراق محتل مذ تأسس وقادته بيد الغرب ويسيرون حيث يريد وأما من خدع بوطنية فلان وعنترية فلان فلا استعداد لمجاملة غباءه، لكن المصيبة، عندما يحتل العراق ويحكم من طبقة فساد ونفاق، عميلة مزدوجة ومنقسمة وتنهب بلا حياء.

عند هذا يجب أن نقف بالواقع عراة ونقول الحقيقة ونطمح أن نكون في هدف استحصال مصالح مشتركة ونستجدي الحياة لأهلنا من ظلم بشع، رأي معقد ولا أريد أن أقول مهزوما لكني أنصفته في شرحه.

  • ورأي آخر يقول: دعونا نقف مع مستغلنا القريب ونتعبد على سجادته ونقمع رؤوس الفتن فهو سيدنا ولسنا أسياده، لكننا لسنا عباده؛ أو ربما يذهب البعض ليقول عباده، لا ضير من الرأي إن لم يقترن بعمل.
  • ورأي يقول: كان لنا حاكما وطنيا نفوه، فدعونا نعيده ونسوا أنه من جلب الاحتلال ومن كان وقوده، وإن الناس ذهبت حياتها هباء من ولاءاته ومغامراته بحياتنا وأبناء البلد كانوا جنوده.
  • ورأي يقول: دعونا نقنع العالم بالشراكة ونبني مشاركات في كل شيء فهم يستفيدون ونحن نستفيد، نؤسس لمدنية نشارك بها ونبني ما دمره هو وغيره ونقلب صفحة الزمن المر ونعيد تعريف العلاقات، لكن يبقى السؤال، هل سيفهم من يرى نفسه متغلبا مسيطرا همه مالك وثرواتك أن يتفاهم معك كشريك؟، وأين الندية بين هذا الفريق وذاك الفريق، وهذا تفكير الضالين من الأمريكان وغيرهم حين لا يقدرون أن التوازن موجود.

ويبقى ما قيل أخيرا رأي جديد ممكن أن يجرّب إن توصّل الجميع إلى فكرة المشاركة وبهذا تفاصيل لا استغلال ولا خطورة، وإنما تعاون نظيف أصيل برضا وتبادل لما يمكن أن يقدم من الطرفين.

ألم ترَ ناصحا للقوم بأن استمرار الحال وتعميق التخلف وما هو في عقل المرضى من الغربيين والأمريكيين ممن لا يفهمون حضارة هذه الأمة بل ولا بعد مدنيات قامت فيها، ويرون رأيهم في أن تبقى ضعيفة وخوفا من يوم هو آتٍ حتمًا ما لم يتدارك وينهي الصراع، فالأمم دول ومن لا يستفيد من التقنيات في إصلاح المسارات، وإنما يستخدم التقنيات في إبراز القوّة والهمجية، فهو من يفسد المستقبل عندها لا يلوم إلا نفسه وقد حكم على نسله، كما حكم على واقع الأمة بالخراب ونهب أموالها وثرواتها.

ألم ترَ ناصح القوم بأن علينا أن نأخذ الجانب الإيجابي من التواجد في ساحة واحدة لبناء علاقات سليمة وليس الخوف من وهم بسوء الفهم، فخوف الغرب من الإسلام يجعلهم يصنعون نماذج مشوهة تؤذينا وتؤذيهم، لكن الإسلام في واقعه إن استقر في ارضه، فهو لا يحتاج الحرب ولا غزو البلاد وإنما حوار الفكر والعباد في صالونات العلم التي أتيحت عن بعد وقرب والمنتديات، بفضل علم ينبغي أن نوظفه للإنسان وليس للحرب والمال فقط.

    وكما قال حكيم في ظنه: فليختر الجميع خياراته وليستشير كل منكم حكيمه لا حماره، فللأسف هنالك أناس تظن أنها على سديد الرأي ولا ترى أيديها وما فيها من دماء، ولا ما صنعت من رعاع وغوغاء، وآخرين معتدين بقوتهم وأن بإمكانهم أخذ ثروات الناس، ناسين أن الدَينَ دينٌ وأنَّ له السداد، وأن الاعتذار واجب، والتفاهم متاح عن إرادة لا غصب أو في الرعونة زيادة خير.

   وأنصح في الخيار: أن ما يؤسس على باطل لا يكتسب الشرعية ولو في قرون، أن البيوت التي ترعى أهواء ذوي الأهواء من الشرق والغرب مثلهم: (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.)

كما هو ملاحظ أنى وصفت مجموع الرأي المطروح ولم أتبن رأيا فالرأي ما يكون على الأرض وكلكم مسؤول عن نتائجه

حفظ الله بلداننا جميعا، والعراق وأهله ووفق الفرقاء إلى رأي الصواب

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب : عبّاس وغانتس: إجماع فاسد أم انقسام حميد؟

لا ينتعش محمود عبّاس، وتدبّ فيه الحياة والقدرة على استئناف نشاطه في “مقاومة المقاومة” إلا …