أحمد عبد العزيز يكتب : من واقع تجربتي في رئاسة الجمهورية

إذا كنت في منصب رفيع، “مستشار الرئيس” مثلا.. فالكل دونك عبيد، بالمعنى الحرفي للكلمة؛ الكل ينحني لك، الكل يهرول نحوك بمجرد النظر إليه، أي كلمة أو إشارة منك “أمر” يُنفذ في التو، لا تسمع منهم سوى: تمام يا فندم، أوامر معاليك!

إنهم مبرمجون على ذلك..أي محاولة منك لتغيير “ضبط المصنع” هذا، ستُفسِد “السيستم”!

بالمقابل، فإن هذه العبودية (الطوعية) لابد أن يكون لها ثمن! هذا الثمن يحدده ذلك (العبد) الذي أفنى عمره على هذا النحو المهين، في التعامل مع رؤسائه؛ فأي شيء يحصل عليه، فهو حقه (الشرعي) الذي دفع ثمنه انحناءً وهرولة ونفاقا..

لذا، فهؤلاء يسرقون ويرتشون ويزوِّرون، كلما سنحت الفرصة، وكانت العواقب “مضمونة”، وكان احتمال المحاسبة ضعيفا!

فلا تستغربوا شراء ياسر (السيسي) جلال طائرة بنصف مليار دولار، ولا تدهشكم كثرة الصناديق التي ينشئها، ولا يعرف أحد عنها شيئا سواه، ولا تصدمكم كثرة القصور الرئاسية التي لا داعي لها..

ولا تستغربوا هذا البذخ في شراء أي شيء مهما غلا ثمنه؛ دراجات، ساعات، ملابس، مجوهرات.. إلخ! فقد دفع ثمن كل ذلك سلفا من كرامته وماء وجهه، بكامل إرادته، لعل وعسى يلعب الزهر يوما، ويحصل على الثمن الذي يحدده، من قوت الشعب.

رحم الله الرئيس الشهيد محمد مرسى، وفك أسر مستشاريه الكرام ولعلكم تذكرون تلك الواقعة التي رواها الوزير يحيي حامد:

“يوما ما، بعد صلاة الظهر، هرول ياسر جلال وأحضر حذاء الرئيس مرسي، ووضعه عند قدميه، فقال له الرئيس بانزعاج: بتعمل إيه يا عبد الفتاح؟! ونهاه عن تكرار ذلك”.

السؤال هو: كيف استطاع ياسر جلال تمييز حذاء الرئيس من بين الأحذية؟!

قولوا للذين يتوسلون ياسر جلال؛ كي ينظر إليهم بعين الرحمة ألا يفعلوا؛ لأنه لن يرحمهم، مهما ساءت أحوالهم!.. إن توسلات هؤلاء واستغاثاتهم هي أكثر ما يسعده ويرضيه! ذلك، لأنه توسل كثيرا، ولحس الأحذية كثيرا، وانبطح كثيرا، حتى لم يبق من كرامته شيء، وقد واتته الفرصة لينتقم، وها هو ينتقم!

وإذا حدث واستجاب لبعض الحالات، فليس رحمة ولا شفقة، ولا إحساسا منه بالمسؤولية؛ وإنما لأخذ “اللقطة” اللازمة لأبواقه الإعلاميه؛ كي يُظِهروه في صورة (لامؤاخذة) الإنسان رقيق القلب، مرهف الإحساس الذي لا ينام؛ لأنه دائم السهر على راحة “رعيته” اللي هيحاسبه عنها ربنا، زي ما بيقول دايما!

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب :هذا الحراك الجماهيري الشرير

يُطلق الاحتلال على كلِّ من يقاوم أو يدعم المقاومة لقب “المخرّب”، وبالتالي يعطي لنفسه الحقّ …