المنظمات الإسلامية تدعو الأمم المتحدة لوقف العنف بكافة اشكاله ضد المرأة

أصدرت  هيئات علماء المسلمين والمنظمات الإسلامية بيانا حول مسودة الاستنتاجات المتفق عليها بعنوان: “تمكين المرأة وعلاقته بالتنمية المستدامة” والمقترحة للإجتماع الستين للجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة  فى الفترة من 14-24 مارس الجارى .

ولجنة مركز المرأة فى الأمم المتحدة  تهدف أساسا إلى تطبيق مساواة الجندر، واستقواء المرأة ، خصصت موضوعها الرئيس في جلستها الستين CSW60، للربط بين “استقواء المرأة ، وأجندة 2030، وجاء عنوان مسودة الاستنتاجات المتفق عليها المطروحة للنقاش في ذلك الاجتماع بعنوان: “تمكين المرأة وعلاقته بالتنمية المستدامة”.

وقد تداولت هيئات علماء المسلمين والمنظمات الإسلامية المسودة الصفرية ولاحظت الآتي:

أولا: تجاهل تحفظات الدول والحكومات على الاتفاقيات والمواثيق:

نصت الوثيقة على التأكيد reaffirm على وثيقة بكين، وما تبعها (بكين+5، بكين+10، بكين+15، بكين+20) ، وأيضا التأكيد على أن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وغيرها من الاتفاقيات الدولية تشكل إطاراً قانونياً دولياً، ومعاييراً شاملة لفهم مساواة الجندر واستقواء المرأة والفتاة وحقوقهما الإنسانية، ثم المطالبة بالتنفيذ الكامل والفعال لها جميعا، دون أدنى إشارة للتحفظات التي وضعتها كثير من الحكومات على البنود التي تتعارض معارضة صريحة مع المرجعيات الدينية والثقافية والقيم الأصيلة، وهو مايعد التفافا واضحا حول تلك التحفظات، وتجاهلا لها، وهذا أمر يتكرر في كل الاستنتاجات المتفق عليها الصادرة عن الجلسات الدورية للجنة مركز المرأة،  وهو ما لا يليق بالأمم المتحدة، فالتحفظات التي وضعتها الحكومات عند التوقيع على تلك المواثيق، تمثل (عقدا) بينها وبين الأمم المتحدة، وشرطا للتوقيع، بينما يعد الضغط الذي تمارسه الأمم المتحدة في هذا السياق (خرقا) لذلك العقد، وتناقضا مع ميثاق الأمم المتحدة الذي نص على عدم التدخل في الشئون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما .

الأمم المتحدة

ثانيًا: تمحور الوثيقة حول منظومة “الجندر (النوع) Gender “:

فلا تكاد تخلو مادة من مصطلح “الجندر Gender “، رغم أن العنوان الأساس للوثيقة هو “استقواء المرأة s empowerment’Women”، إلا أنها تمحورت بشكل واضح حول “مساواة الجندر Gender equality” ، وهو ما يدل على أن هذه القضية هي القضية الفعلية التي تؤكد عليها تلك الوثيقة ويعني ذلك: أن التنمية المستدامة التي ترفعها الأمم المتحدة شعارا لها في المرحلة الحالية، لن تتحقق إلا بمساواة الجندر!، وقد أطلقت الأمم المتحدة في 14-5-2015 ((حملة فيديو “أحرار ومتساوون” للتصدي لرهاب المثلية)) واشتملت عرض فيديو عن الشواذ في أكبر ميادين نيويورك بهدف توصيل رسالة للمجتمع أن الشواذ هم فئة طبيعية من فئات المجتمع يتوجب احترامهم وتقبلهم ومساواتهم بالأسوياء وأي تفريق في المعاملة بينهم يعد “تمييزا” ضدهم!

تلاها إصدار الأمم المتحدة في سبتمبر 2015 بياناً بعنوان: “القضاء على العنف والتمييز ضد المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري النوع الاجتماعي وثنائيي الجنس”، طالبت فيه وكالات الأمم المتحدة وهيئاتها المجتمعة بالتحرك  بشكل عاجل للقضاء على العنف والتمييز ضد المثليات lesbian ، والمثليين gay, ومزدوجي الميل الجنسي bisexual, ومغايري النوع الاجتماعي transgender وثنائيي الجنس intersex (LGBTI) من البالغين والمراهقين والأطفال”.

وأعلن  الأمين العام للأمم المتحدة صراحةً دعمه المتواصل لحقوق الشواذ، من خلال مؤتمرات حقوق الإنسان العالمية، والتقارير التي يصدرها في المناسبات المختلفة، وأحدثها تقريره الصادر للجلسة الحالية بعنوان: “استعراض تنفيذ الاستنتاجات المتفق عليها للدورة 57 للجنة وضع المرأة”، حيث صرح بأن: “تعالج بعض الخطط الوطنية احتياجات فئات محددة من النساء اللائي يواجهن أشكالا متعددة من التمييز، كالنساء المثليات lesbians, ومزدوجات الميل الجنسيbisexuals ومغايرات الهوية الجنسانية (الجندرية) transgenders وحاملات صفات الجنسين intersexuals”. (تلك هي أنواع مختلفة من الشواذ يتم تداولها وادماجها داخل الوثائق الرسمية لتصبح مع مرور الوقت أمرا واقعا).

وتقرير الأمين العام المعنون “الطريق إلى العيش بكرامة بحلول عام 2030” الصادر في سبتمبر 2015 بمناسبة إطلاق وثيقة التنمية 2030، منا ببعيد، والذي نص على: “يجب تأمين وجود بيئة مواتية في ظل سيادة القانون من أجل المشاركة الحرة النشطة والمجدية للمجتمع المدني والقائمين بالدعوة الذين يعبرون عن أصوات النساء والأقليات، وجماعات المثليات lesbianوالمثليين gayومزدوجي الميل الجنسي bisexual ومغايري الهوية الجنسانية transgender groups”ويكرر الأمين العام دعمه الصريح للشذوذ والشواذ في عدة تقارير و مناسبات

وتطالب الوثيقة بحشد جميع الجهود لتطبيق المساواة الجندرية، من حكومات ومنظمات دولية وإقليمية ومنظمات نسائية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، والقطاع الخاص، من خلال القوانين، و الدعم المالي، والبيانات الإحصائية.

ثالثًا: التدخل في سياسات الدول التشريعية:

وتعطي الأمم المتحدة نفسها كل الحق في فرض الوصاية التشريعية على الدول، لتطبيق مبدأ المساواة المطلقة بين الأنواع (ذكور، إناث، شواذ) بدءا بتغيير الدساتير، ثم تغيير القوانين والتشريعات، ثم التطبيق، ومراقبة التطبيق! وهو ما تنص عليه المادة (9/b) من مسودة الاستنتاجات المتفق عليها: “إلغاء القوانين والأحكام التمييزية في الدساتير، والتأكد من أن القوانين والسياسات غير التمييزية والمراعية لمنظور الجندر “-genderresponsive “والتدابير الخاصة المؤقتة التي تعمل على استقواء النساء والفتيات مفعلة دون تأخير، مع مراقبة تنفيذها على نحو فعال، ولا يتوقف الأمر عند المراقبة، بل تعطي الأمم المتحدة نفسها الحق في مساءلة الحكومات حول قوانينها الوطنية، حيث نصت الوثيقة على: “تقوية عمليات جمع البيانات والمتابعة والمراجعة والمراقبة والمساءلة بشكل يراعي الاعتبارات الجندرية، وذلك دون أدنى احترام للمرجعيات التشريعية الأصلية لدى شعوب العالم. وعلى هذا النهج سارت جُل بنود المسودة.. فالبند (9/e) ينص على جندرة جميع السياسات والبرامج من قبل الدوائر الحكومية وعلى جميع المستويات وضمان تطبيق أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 بشكل يراعي الجندر، والبند (9/h) ينص على “التأكد من أن جميع عمليات التخطيط الوطني وصنع القرار، وعمل السياسات والموازنات لتطبيق جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة تعكس المنظور الجندري”.

رابعا: انتهاك سيادات الدول والحكومات من خلال تدويل المتابعة والمساءلة وتوظيف منظمات المجتمع المدني لصالح الهيئات الدولية:

فقد أعطت لجنة مركز المرأة التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي نفسها الحق في مراقبة الحكومات ومساءلتها، ويعد ذلك تجاوزا لاختصاصات وصلاحيات المجلس20، في حين تنتهك اللجنة سيادة الحكومات من خلال مراقبة مواردها وكيفية تصرفها فيها، حيث نصت المسودة على: “مراقبة النفقات العامة، سواء من مصادر محلية أو دولية، والتتبع والإبلاغ عن توزيع الموارد للمساواة الجندرية واستقواء المرأة لتقوية المساءلة فيما يتعلق بالالتزامات المخصصة لمساواة الجندر”!! كما نصت على: “تقوية عمليات جمع البيانات، والمتابعة والمراقبة والمساءلة بشكل يراعي الاعتبارات الجندرية.

كما طالبت المسودة بـ “دعم مشاركة منظمات المجتمع المدني بما في ذلك جماعات حقوق الإنسان للمرأة ودعاة المساواة الجندرية في المتابعة الوطنية والإقليمية والعالمية”، وأيضا: “إيجاد بيئة آمنة ومواتية للمنظمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى في كل مكان حتى يتمكنوا من المشاركة الكاملة في تنفيذ ومتابعة واستعراض جدول أعمال 2030 على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية”.

خامساً: استنزاف الموارد المحلية وموارد القطاع الخاص وأموال العمل الخيري في تحقيق مساواة الجندر بدلا من استثمارها في التنمية الحقيقية:

بدلا من استثمار الموارد المحلية وأموال القطاع الخاص للدول المختلفة وتسخيرها لرفاهية الشعوب وتنميتها تنمية حقيقية، تدعو الوثيقة إلى: “دعم وزيادة الموارد للمنظمات النسائية ودعاة المساواة الجندرية على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية”! وأيضا تؤكد على: “زيادة التمويل الذي يستهدف المساواة الجندرية في جميع القطاعات من خلال جميع مصادر التمويل بما في ذلك الموارد المحلية والمساعدة الإنمائية الرسمية والقطاع الخاص والعمل الخيري، و يسبب ذلك استنزافا لميزانيات الدول والحكومات في أمور مرفوضة تماما بسبب تصادمها مع المرجعيات الدينية والثقافية للشعوب، بدلا من عمل تنمية فعلية لها، والأكثر خطورة، استنزاف أموال العمل الخيري لتحقيق مساواة الجندر! مما يتسبب في حرمان المستفيدين من أموال العمل الخيري.

ومما يدعو للدهشة المبالغة في إحكام المتابعة والمراقبة والمحاسبة للحكومات في جمع المعلومات وتطبيق المواثيق والاتفاقيات، تحت شعار “استفادة النساء والفتيات”، مع غض الطرف تماما عما تلاقيه النساء والفتيات في الكثير من مناطق العالم مثل سوريا، و فلسطين، و العراق، وبورما، و مصر، واليمن، وأفريقيا الوسطى وغيرها، والتي يتعرضن فيها للتعذيب والاغتصاب الممنهج، والقتل والحرق والتشريد.

وأمام تلك المعطيات، يؤكد تجمع هيئات العلماء والمنظمات الإسلامية على ما يلي:

أولاً: مطالبة الحكومات والشعوب بعدم السماح بانتهاك سيادتها من قبل أي منظمة دولية.

ثانيا: مطالبة منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها باحترام المرجعيات الدينية وإرادات الشعوب والمنظومات القيمية والأخلاقية التي تستند إليها، وأكد عليها ميثاق الأمم المتحدة، والتي من شأنها الحفاظ الفعلي على الأمن والسلام الدوليين.

ثالثاً: دعوة الدول الإسلامية إلى اتخاذ موقف موحد وحاسم إزاء الوثائق الدولية المتعلقة بالسكان والمرأة والطفل، ورفض كل ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية الغراء في الوثيقة المعنونة “تمكين المرأة وعلاقته بالتنمية المستدامة” أو أي وثائق لاحقة تطرح للنقاش أو التوقيع.

رابعاً: تعزيز موقف الحكومات في التمسك بالتحفظات التي وضعتها عند التوقيع على المواثيق، حفاظا على الهوية الإسلامية، والسيادة الوطنية.

خامساً: مطالبة منظمة الأمم المتحدة باتخاذ خطوات جادة وعملية؛ لرفع العنف الحقيقي عن النساء والفتيات في كل المناطق التي يتعرضن فيها للقتل، والحرق، والاعتقال، والتعذيب، والاغتصاب الممنهج.

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …