بعدما انقلب علي حلفاؤه .. السيسي المستفيد الوحيد من 30 يونيو ومؤيدوه الخاسرون بعد 8 سنوات

قبل 8 سنوات، خرجت مظاهرات دعت لها حركة “تمرد” في 30 يونيو/ حزيران 2013 ضد الرئيس الراحل محمد مرسي، تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة.

مؤيدو نظام رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي (وزير الدفاع حينها) اعتبروها “ثورة”، ووصفها المعارضون بأنها “فوتوشوب” (مشاهد مزورة) للترتيب لانقلاب 3 يوليو/ تموز 2013.

اليوم، عاد مؤيدون لنظام السيسي ليقولوا: “تم خداعنا”، فيما يصر آخرون أن مصر تسير في طريقها الصحيح، ويؤكدون أن “النظام مستقر”، رغم التجييش الأمني المستمر، بحسب تقرير لموقع “الاستقلال”.

قمع وتغيير

بالتزامن مع الذكرى الثامنة لأحداث 30 يونيو/حزيران، نشر موقع “مونيتور” الأميركي تفاصيل استعدادات الأمن المصري في شوارع القاهرة قبل الذكرى بـ10 أيام.

وذكر في تقريره، الذي نشر في 20 يونيو/حزيران 2021، أن قوات الأمن والشرطة السرية والنسائية والأمن الوطني انتشروا في شوارع القاهرة والساحات الرئيسية في كل مصر و”فتشوا المصريين وهواتفهم”.

نقل عن مصريين أنه يتم إلقاء القبض على المارة وتفتيشهم بشكل عشوائي، وطُلب من بعضهم إظهار محتوى حساباتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، لأن السلطات لا تزال تخشى دعوات إسقاط نظام السيسي.

رغم عدم وجود دعوات قوية للاحتجاج بسبب إجهاض الأمن أي انتقادات واعتقال ناشطين بشكل مستمر، تنزعج الأجهزة الأمنية من دعوات رحيل السيسي المنتشرة على مواقع التواصل.

بعد مرور 8 سنوات على ذكرى الحشد وتكشف وقوف عبد الفتاح السيسي ودولة الإمارات خلف حركة “تمرد” للتجهيز للانقلاب، اختفى المؤيدون لها وراء أسوار السجون أو صمتا في منازلهم خشية الاعتقال.

وجوه شاركت في التحضير لمظاهرات هذا اليوم غابت عن المشهد الرسمي لـ “دولة 30 يونيو”، وفى المقابل، آخرون لم تكن أدوارهم السياسية حاضرة صاروا جزءًا أساسيًا من نظام السيسي.

8 سنوات مرت ولا تزال 4 بنود من خارطة الطريق التي أعلن عنها السيسي معطلة، وجرى خرق بعضها بأحكام الإعدام النهائية الأخيرة، مثل بند “تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية”

حرص النظام على تحويل ميدان الثورة (التحرير) تدريجيا إلى ميدان للترفيه والاحتفالات، آخرها موكب المومياوات الفرعونية ووضع مسلة وتماثيل فرعونية لتغيير هوية الميدان في وعي المصريين.

اختفت مظاهر الاحتفالات التقليدية التي كانت تشهدها بعض الميادين خاصة ميدان التحرير باستثناء أفراد قليلون يحملون علم مصر للتذكير بالخروج في مظاهرات هذا اليوم قبل 8 سنوات.

علي الجانب الاقتصادي يشكو المصريون الغلاء والفقر، بعدما تضاعفت أسعار السلع والخدمات والجباية عشرات الأضعاف، بعدما دعاهم بيان “تمرد” عام 2013 للثورة لارتفاع الأسعار والمعيشة.

مثلما أزاح عبد الفتاح السيسي كافة أنصاره في المجلس العسكري الذين دعموا انقلابه، تخلص من مؤيديه من التيارات الليبرالية واليسارية الذين تصوروا أنه سيخلي لهم الساحة للعمل السياسي بعد قمع الإخوان المسلمين.

كشفت السنوات الثماني أن الخطة الأصلية للسيسي هي عودة “حكم الفرد” عبر تأميم العمل السياسي، بتوحيد المخابرات والأمن الوطني للأحزاب في ائتلافات داعمة للحكم، وتأميم وسائل الإعلام وتكميم الصحفيين والحريات.

انتهي الأمر بأغلب داعميه الذين خرجوا يوم 30 يونيو/حزيران 2013، ممن لم يرضوا بالتبعية الكاملة، إلى السجون والمعتقلات، أو الصمت، وأبرزهم زعيم المعارضة الناصرية والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي.

عاد صباحي إلى يسار السلطة، وانتقد العديد من القرارات، لكنه عارض على استحياء.

 وحين أطلق مبادرة “صنع البديل” من أجل “توحيد جهود القوى السياسية”، حرص على نفي اعتبارها “جبهة إنقاذ جديدة”

جرى اعتقال رؤساء أحزاب وصحفيين وسياسيين وناشطين ليبراليين ويساريين وأساتذة جامعات ورجال أعمال وتلفيق القضايا لهم وتدويرهم في قضايا أخرى كلما مر عامي الحبس الاحتياطي الذي فُرض عقب الانقلاب.

لم يسُمح بمنافسة حقيقية للسيسي في انتخابات 2014 و2018، وجرى اعتقال وحبس قادة عسكريين سعوا لذلك أبرزهم سامي عنان والعقيد أحمد قنصوه، ثم أفرج عن الأول.

ماذا تبقى؟

لم يسلم خالد يوسف مخرج مظاهرات 30 يونيو/حزيران، الذي أصبح نائب في البرلمان السابق، من البطش رغم أنه اعترف أن من صور معه المظاهرات من الجو بطائرات الجيش كانوا “الشؤون المعنوية”

وتراجع ضمنا بعدما نقل عنه ناقد سينمائي معروف رفض ذكر اسمه لموقع “المصريون” أن هناك مبالغات في الأعداد التي ظهرت في المشاهد المصورة، لرغبة السيسي في إظهار حشود تحتج على حكم محمد مرسي بشكل مضخم.

عقب تحقيق النيابة في أفلام مخلة له مع بعض الممثلات المغمورات عام 2015، والقبض عليه في مطار القاهرة 29 يناير/ كانون أول 2017 بتهمة حيازة مخدرات (أقراص مهدئة)، ذكر شهادة غامضة عن أحداث 30 يونيو/حزيران.

كتب على فيسبوك: “أوان شهادتي لم يأت بعد لأسباب موضوعية تتعلق بمصلحة الوطن ولكني سجلتها وحفظتها عند أحد الأمناء مصورة ومكتوبة في حال لم يكتب لي القدر أن أنشرها بنفسي”.

الدكتور عمرو الشوبكي الذي جرى منعه من دخول أول برلمان للسيسي رغم فوزه، والذي اعترف أن “الأجهزة السيادية لعبت دورا في توجيه بعض حركات التمرد السياسي على الإخوان”، أشار إلى تفكك “تحالف 30 يونيو/حزيران”

في مقال نشره بـ “المصري اليوم” 28 يونيو/ حزيران 2021، تساءل: هل أخذ السيسي تحالف 30 يونيو بجدية أم أنه اعتبره منذ البداية وسيلة أو كوبري لا بديل عنه لنزول الجيش إلى الشوارع والوصول للسلطة؟

تحدث عن “غياب السياسة وإقصاء تحالف 30 يونيو” بالكامل، وأكد أن “السيسي أحل الأجهزة الأمنية والسيادية مكان الأحزاب والقوى السياسية والنخب المدنية لاختيار كوادر الحكم وهندسة البرلمان والإعلام.

أستاذ العلوم السياسية المعروف حسن نافعة، الذي دعم السيسي ثم تعرض بدوره للاعتقال، قال في حوار مع موقع “عربي 21” 3 فبراير/ شباط 2021 إن “المجلس العسكري أعاد مصر إلى وضع أسوأ مما كان قبل اندلاع ثورة يناير”

أشار إلى أن ثورة جديدة قادمة، و”أتوقع حدوث هبات غضب أو ثورات جياع لا أحد يعلم متى تبدأ ولا كيف ستنتهي”.

ورأى أن “الثورات الكبرى لا تفشل ولكنها قد تنتكس أو تتعثر في طريقها وأهداف الثورة ستظل حلما يراود المصريين إلى أن تتحقق لكن ذلك سيستغرق وقتا وسيمر بمنعطفات كثيرة”

عاد السياسي والدبلوماسي المصري السابق الدكتور محمد البرادعي إلى ركنه الهادئ في جنيف، مغردا على فترات بتعليقات غير ذات قيمة أو تأثير، رافضا الإدلاء بشهادته على الانقلاب الذي شارك فيه.

اختار سلفيو حزب النور منذ لحظة إعلان الانقلاب الجلوس في المنطقة الدافئة بجوار السيسي، واتبعوا خطًا محاذرا، لا يعادي النظام ويدعم السيسي خشية زجهم في المعتقلات.

وبعدما كان في المركز الثاني في برلمان الثورة بـ 108 مقعد، اكتفى بسبعة مقاعد في مجلس النواب و”صفر” في مجلس الشيوخ.

أين خارطة الطريق؟

في 3 يوليو/تموز 2013، وقف السيسي بين 14 شخصا يمثلون قيادات سياسية ودينية وعسكرية يتلو بيان عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، ويتحدث عن خريطة طريق للمستقبل من 10 نقاط.

بعد مرور 8 سنوات لا يزال 4 بنود من هذه الخارطة لم تنفذ، تكاد تكون هي أهم ما فيها.

جرى تنفيذ 6 بنود منها فقط تتعلق بإنهاء حقبة حكم مرسي وتشكيل الواقع الدستوري والسياسي للعهد العسكري، وجرى تعطيل 4 بنود تخص المصالحة والحريات وتمكين الشباب وحكومة كفاءات وطنية.

نص البند الخامس من خارطة الطريق على “تشكيل حكومة كفاءات وطنية”، لكن أول قرارات هذه الحكومة برئاسة حازم الببلاوي كان قرارا سياسيا أمنيا يتعلق بفض اعتصام رابعة، الذي قتل فيها ألف مصري بحسب اعتراف “الببلاوي” نفسه.

لم يتحقق البند الثامن بشأن “وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام” وحدث العكس بتأميم الصحف والفضائيات عبر شراء المخابرات لها، وتكميم الصحافة بإصدار عشرات التشريعات التي تُكبل حرية الصحفيين.

فضلا عن اعتقال وحبس عشرات الصحفيين الذين تقدرهم منظمة “صحفيون بلا حدود” بـ 27 صحفي، واقتحام الشرطة مقر نقابة الصحفيين لأول مرة مايو/أيار 2016 لاعتقال صحفيين.

كان البند التاسع الخاص بـ “تمكين الشباب” في خارطة طريق السيسي من البنود المثيرة للجدل، حيث اقتصر الأمر على تعيين بعض شباب “المبادرة الرئاسية” الاستخبارية في مناصب مساعدين للمحافظين.

بينما شهدت الأعوام الثماني الماضية اعتقالات وإعدامات لشباب بتهم سياسية وهلامية، مكررة، وجرى عسكرة الجامعات والمدن الجامعية بعد اقتحامات واعتقالات عدة.

انعكس هذا على أسئلة الشباب في مؤتمرات السيسي وحملة “اسأل الرئيس”، في صورة حملة موازية عبر هاشتاج بعنوان (#اسال_الرييس) تشير لعدم تمكين الشباب.

كانت أبرز مطالب الشبان من السيسي عبر الهاشتاج: “امتى هاشتغل؟” و”هل وفيت بوعودك؟” و”ليه غليت علينا الأسعار؟، و”امتى هنرتاح منك؟” و”لماذا لا نشعر بإنجازاتك التي تتكلم عنها”؟.

البند العاشر الذي نص على “تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات”، هو أكثر البنود تعطيلا.

كان المقصود من هذا البند المصالحة مع جماعة “الإخوان المسلمين” إلا أنه حدث العكس بعد مرور 8 سنوات، ووصل الأمر إلى أحكام إعدام نهائية لأول مرة لقيادات من الجماعة تنتظر التنفيذ من يوم 30 يونيو/حزيران 2021 بعد رفض السيسي تخفيفها.

الوضع الاقتصادي

المقارنة بين الوضع الاقتصادي وأسعار السلع والخدمات في يونيو/ حزيران 2013 ومثيلتها 2021 ليست لصالح من هللوا للتاريخ الأول.

بقوة البطش والقمع جرى فرض اتفاق مع صندوق النقد الدولي سمح بإلغاء الدعم بالكامل عن أسعار الطاقة والكهرباء والبنزين فقفزت أسعارها لثلاثة أضعاف.

انهار سعر الجنيه ومدخرات المصريين عقب ارتفاع سعر الدولار الذي كان 6.69 قبل يونيو/حزيران 2013 ليصبح 15.66 جنيه في ذات الشهر من عام 2021.

ارتفع سعر البنزين الذي كان 185 قرشا ليصبح 6.75 جنيه، وتذكرة المترو التي كانت بجنيه واحد أصبحت ما بين 5 و10 جنيها.

الديون الخارجية التي كانت قرابة 34 مليار دولار أصبحت 123 مليارا والديون الداخلية التي كانت 1.4 ترليون جنيه أصبحت 34 تريليونا في يونيو/حزيران 2021

في يوليو/ تموز 2019 أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تقريره عن بحوث الدخل والإنفاق، الذي يصدر كل عامين، معلنًا ارتفاع نسبة الفقراء إلى 32.5 بالمئة في عام 2017/2018 مقارنة بـ 27.8 بالمئة في البحث الصادر عام 2015.

قبله في شهر مايو/ أيار 2019، كان البنك الدولي، قد أصدر بيانا قال فيه إن نحو 60 بالمئة من سكان مصر إما فقراء أو عرضة للفقر.

بحسب الأرقام الرسمية كانت نسبة الفقراء بين المصريين 25.2 بالمئة في عام 2010/2011، ما يعني أنهم زادوا قرابة 10 بالمئة حاليا.

انخفضت حالات الفقر المدقع عام 2012/2013 لتصل إلى 4.4 بالمئة ثم عادت للارتفاع مرة أخرى في عام 2017/2018 لتصل إلى 6.2 بالمئة من السكان، وفق الإحصاء ذاته.

رغم صعوبة الإجراءات الاقتصادية ممثلة في رفع أسعار السلع والخدمات بصورة جنونية والاستدانة من الخارج، ما زالت الديون تمثل عبئًا جسيمًا على الاقتصاد المصري.

بعد خمس سنوات من برنامج “الإصلاح الاقتصادي” عام 2016، بدعم من صندوق النقد الدولي، وإجراءات تقشفية تمثلت في تعويم الجنيه وخفض دعم الطاقة، وصل إجمالي الدين المحلي 4 تريليونات جنيه بنهاية يونيو/حزيران 2020، لتمثل 68.6 بالمئة من الناتج المحلي.

ووصل الدين الخارجي إلى 1.1 تريليون جنيه، تمثل 19 بالمئة من الناتج المحلي، ليماثل إجمالي دين أجهزة الموازنة 87.5 بالمئة من الناتج المحلي.

ومشروع موازنة السنة المالية 2021-2022 (التي تبدأ في يوليو/تموز) يكشف عن توقعات وصول الدين العام إلى 89.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

شاهد أيضاً

إصابة 3 صهاينة أحدهم بحالة خطيرة في عملية فدائية بالأغوار

أصيب 3 مستوطنين على الأقل بجروح متفاوتة، في عملية إطلاق نار، وقعت صباح اليوم الخميس، …