تايمز: السعودية بين الفجور والقمع في عهد بن سلمان

“مهندس طائرات يقدم خمور الفودكا وصديقه المثلي يلتقط الصور، وفتاة تركض نحو حشد راقص مرتدية فستان أسود قصير، وألسنة لهب تندلع في السماء، وصوت موسيقى أمريكية صاخبة مع أضواء الليزر، وآلاف الرجال والنساء يرقصون معا”.. قدمت “صنداي تايمز” البريطانية صورة لإحدى حفلات الترفيه السعودية، مشيرة إلى تغير وجه المملكة الاجتماعي والتي يشرف عليها ولي العهد، الأمير “محمد بن سلمان”.

وذكرت الصحيفة البريطانية في تقرير، أن “هذه هي السعودية الجديدة، حيث يلقي طبيب شاب من الرياض ذراعيه حول صديقته، قائلا: أحب بلدي. نحن سعداء للغاية بكل ما فعله ولي العهد”.

وذكر التقرير أن هذه المشاهد تحدث في بلد كانت موسيقى المصاعد فيه محل استياء قبل 5 سنوات لكونها “غير إسلامية”، والآن بعد سلسلة من الإصلاحات الجذرية التي دفعها “بن سلمان”، البالغ من العمر 37 عامًا، يرقص الرجال والنساء معًا في مهرجان “ميدل بيست”، الذي مولته الدولة السعودية جزئيا.

 ولفت إلى أن المملكة مرت، على مدى نصف العقد الماضي، بتحول اجتماعي واقتصادي دراماتيكي لا مثيل له، حيث سمحت التغييرات في القانون بالتخفيف من القواعد المجتمعية الصارمة، وللنساء بالطلاق في المحاكم ضد رغبة أزواجهن؛ والسفر دون إذن ولي الأمر الرجل؛ وارتداء الجينز والقمصان، وقيادة السيارات.

الكحول والمخدرات لايزالان محظوران في السعودية، لكن، مثل أي مكان آخر في العالم، هناك طرق للعثور عليهما بالمملكة، و”يبدو أن الأمر أصبح أسهل” بحسب الصحيفة البريطانية.

لكن هذه “الحرية” ليست سوى وجه الصورة الأول، الذي يقابله وجه آخر، جعل البلاد أكثر قمعا من أي وقت مضى.

ففي العام الماضي، عين الملك “سلمان بن عبدالعزيز” ولي عهده رئيسا للوزراء، ما أضفى الطابع الرسمي على سلطته الحالية على البلاد، والتي رسخها سابقا بقمعه للأصوات المعارضة، حتى داخل مؤسسات الدولة والعائلة المالكة ومجتمع الأعمال، حيث اعتقل العديد من الأمراء ورجال الأعمال وفرض عليهم حظر السفر، وأجبرهم على دفع مبالغ كبيرة للدولة.

ورغم أن حرية التعبير دائما محدودة في السعودية، إلا أنها أصبحت “غير موجودة” في عهد “بن سلمان”، فصندوق الثروة السيادية في السعودية بات يمتلك حصة كبيرة في تويتر، الذي يضم حوالي 14 مليون مستخدم نشط في المملكة، ويمكن القبض على أي منهم حال مشاركته في أي انتقاد لإصلاحات ولي العهد، أو حتى في حال التغريد دفاعا عن بعض المعتقلين.

وتزامن رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة مع اعتقال الناشطات اللائي قضين سنوات في حملات من أجل الحصول على هذا الحق، حيث تعرض العديد منهن للتحرش الجنسي في السجن والضرب والتعذيب بالصدمات الكهربائية. ولا يزال البعض رهن الإقامة الجبرية.

وفي أغسطس الماضي، عادت “سلمى الشهاب”، طالبة الدكتوراه السعودية، البالغة من العمر 34 عامًا، والتي كانت تدرس في جامعة ليدز، إلى بلدها لقضاء الإجازة، حيث كانت تخطط لإحضار زوجها وابنيها الصغار معها إلى المملكة المتحدة، ليتم اعتقالها والحكم عليها بالسجن لمدة 34 عامًا، وذلك بسبب إعادتها لنشر تغريدة دعا فيها معارضون سعوديون للإفراج عن سجناء سياسيين، وذلك عندما كانت لا تزال في المملكة المتحدة.

قصة “سلمى” ليست جديدة، فكثير من النشطاء يختفون في السعودية ويتم نقلهم إلى مراكز الاحتجاز أو السجون، ومنهم “سعد إبراهيم الماضي”، وهو مواطن أمريكي سعودي يبلغ من العمر 72 عامًا، اعتقل عام 2021 عندما وصل إلى المملكة في رحلة كان من المفترض أن تستغرق أسبوعين.

 

وحكم على “الماضي” بالسجن 16 عاما على خلفية عدد من التهم، منها الإرهاب ومحاولة زعزعة استقرار المملكة.

وقال نجله إنه سُجن بسبب عدد من التغريدات التي انتقدت فعالية الوجود العسكري للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن.

وبمجرد أن يصبحوا وراء القضبان، لا يحصل المعتقلون على محاكمة عادلة، بل وثقت جماعات حقوقية استخدام التعذيب والاعتداء الجنسي بحقهم من قبل السلطات.

 

شاهد أيضاً

حماس: المرونة التي نبديها لا تعني التراجع عن شروطنا وإسرائيل لا يعنيها أسراها

قال القيادي في حركة “حماس” باسم نعيم، إن “إسرائيل باتت تفهم المرونة التي تبديها حماس …