تركيا ترسل 7 رسائل سياسية ودينية للعالم في افتتاح مسجد “آيا صوفيا

جاء افتتاح تركيا الجمعة 24 يوليه 2020 لمسجد أيا صوفيا بعد 86 عاما من تحويله لمتحف حاملا عشرات الرسائل السياسية والدينية والمعنوية أرسلتها تركيا إلى العالم، في ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية 24 يوليو 1923.

أبرز هذه الرسائل، وأولها كانت السيف الذي حمله الإمام علي ارباش وزير الشئون الدينية حينما صعد المنبر، والذي يعود الي محمد الفاتح ومكتوب عليه “بسم الله الرحمن الرحيم “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا”، والذي كان حمله رمزيا على الامتلاك والقوة في العصور كلها، وأن القسطنطينية فتحا حربا لا عهدا.

فخلال صعوده إلى منبر “آيا صوفيا” ليخطب بالمصلين حمل رئيس الشؤون الدينية التركية على أرباش سيف السلطان محمد الفاتح الذي ظلّ ممسكاً به طوال الخطبة.

وورد عن النبي محمد أنه كان يتكئ على عصاه أو قوسه خلال صعوده إلى المنبر وإلقائه خطب الجمعة، أما في العُرف العثماني، فإن إمساك الإمام للسيف باليد اليُمنى يُراد به تخويف العدو، أما تلقّفه باليسرى فإشارة إلى إعطاء الأمان وعلامة على الثقة بالطرف الآخر، حسبما أشار التفزيون الرسمي لرئاسة الشؤون الدينية التركية.

من المؤكد أن استخدام أرباش لسيف السلطان محمد الفاتح في هذه المناسبة تحديداً، يحمل رسائل سياسية تؤكد على قوة تركيا.

(الرسالة الثانية): كانت اختيار تاريخ الذكرى الـ 97 لتوقيع اتفاقية لوزان، موعدا لإعادة افتتاح “آيا صوفيا” كمسجد، حيث تعمد الرئيس أردوغان تحديد يوم 24 يوليو دوناً عن غيره من الأيام لإقامة أول صلاةٍ في الجامع التاريخي، لأن يوم 24 يوليو 1923 شهد توقيع مصطفى كمال أتاتورك معاهدة لوزان مع كل من فرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان واليونان ورومانيا ويوغوسلافيا السابقة التي يعتبرها الأتراك نصراً كبيراً لدولتهم.

فبموجبها أُبطلت معاهدة سيفر التي وقعتها الدولة العثمانية في أسوأ أيامها، ورسّمت تركيا حدودها الحالية بعدما طردت اليونانيين والبريطانيين والفرنسيين والأرمن من أجزاءٍ واسعة من الأناضول في حروب التحرير التي قادها أتاتورك، واستعادت تراقيا الشرقية (الجزء الأوروبي من تركيا).

(الرسالة الثالثة) هي قيام أردوغان بعد تلاوته آيات من القرآن في افتتاح “مسجد آيا صوفيا”، بزيارة ضريح السلطان محمد الفاتح، وقوله إن “آيا صوفيا عاد إلى أصله، وأصبح مسجدا مرة أخرى، وسيستمر في خدمة المؤمنين كمسجد”، كأنه يقول لصاحب الضريح ان وصيته تم تنفيذها وعاد أيا صوفيا مسجدا

 (الرسالة الرابعة) كانت تاريخ ميلاد حساب “آيا صوفيا” على تويتر، حيث وضع القائمون على حساب جامع “آيا صوفيا” على تويتر تاريخ 29 مايو في خانة تاريخ ميلاد صاحب الحساب ويصادف هذا التاريخ يوم دخول السلطان محمد الثاني بجيوشه إلى القسطنطينية فاتحاً، وتحويل كنيستها الرئيسية إلى جامع.

ففي يوم الثلاثاء 29 مايو 1453، قام المسلمون بتغطية الرموز المسيحية في الكنيسة بعد تحويلها إلى مسجد، وأقاموا فيها صلاة العصر بإمامة سابع سلاطين الإمبراطورية العثمانية.

(الرسالة الخامسة) كانت تصدر اللغة العثمانية لوحة جامع “آيا صوفيا”، فرغم أن الأتراك تخلوا عن استخدام الحروف العربية منذ عام 1932، فقد اختارت الحكومة الحالية كتابة اسم “جامع آيا صوفيا كبير شريف” بالأحرف العربية التي استخدمها العثمانيون قبل تأسيس الجمهورية التركية الحديثة.

ويعدُّ استخدام اللغة العثمانية – التي تُكتب بالأحرف العربية –أمراً عادياً في اللوحات القديمة للمساجد التاريخية في تركيا، لكن اعتمادها في لوحة مسجدٍ جديدٍ وتقديمها على اللغة التركية الحالية يحمل دلالةً سياسيةً بحسب بعض المراقبين.

فاستخدام الأحرف العربية يعدُّ خطوةً رمزية للتأكيد على التصالح مع التاريخ العثماني لتركيا، في استكمالٍ لمشروع التصالح الذي بدأه حزب “العدالة والتنمية” الحاكم منذ وصوله إلى السلطة في عام 2002.

(الرسالة السادسة): قبل ساعات من موعد إقامة أول صلاة في جامع “آيا صوفيا”، نشر الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان عبر حسابه الرسمي على تويتر أنشودة تتغنّى بإعادة البناء التاريخي من متحفٍ إلى مسجد.

الأغنية التي يؤديها 12 مغنياً، جاءت بـ 9 لغات تتحدثها شعوبٌ إسلامية، وهي: العربية، والتركية، والقرغيزية، والبوسنية، والألبانية، والأذربيجانية، والكردية، والبنغالية، والسواحلية.

ويعتبر إنتاج أنشودة بـ 9 لغات مختلفة، إشارةً إلى أن “آيا صوفيا” مسجدٌ ذو رمزية ويهم جميع الشعوب الإسلامية، وليس مقتصراً على الأتراك وحدهم.

(الرسالة السابعة): كانت لون السجّاد المستخدم في مسجد “آيا صوفيا” وهو لون الفيروز او التركواز، بناءً على طلب الرئيس رجب طيّب أردوغان، لأنه لون يحمل رمزيةً تاريخيةً لدى الأتراك.

فبحسب مستشرقين فرنسيين؛ يطلق اسم “تركواز” على اللون الفيروزي لأن الأتراك هم من جاؤوا بحجر الفيروز الكريم من بلاد فارس إلى أوروبا فكلمة “ترك” تعني الأتراك، فيما تعني كلمة “واز” لون وبالتالي تصبح ترجمة كلمة “تركواز”: اللون التركي.

وقد استخدم العثمانيون هذا اللون في الكثير من مساجدهم ومبانيهم القديمة، فأصبح اللون التركوازي أو الفيروزي مرتبطاً بهم.

شاهد أيضاً

حماس: المرونة التي نبديها لا تعني التراجع عن شروطنا وإسرائيل لا يعنيها أسراها

قال القيادي في حركة “حماس” باسم نعيم، إن “إسرائيل باتت تفهم المرونة التي تبديها حماس …