كشفت نتائج دراسة أعدّتها وحدة البحث في مؤسسة “روكوول” الدنماركية حول تأثيرات التشدد في قوانين الإعانة للوافدين الجدد إلى البلاد، أي المساعدة الاجتماعية لبدء حياة جديدة في الدنمارك، أنّ “مفعول ذلك أتى سلبياً وأدّى إلى جعل هؤلاء من أفقر فئات المقيمين في البلاد”.
فى هذا السياق أكد أحد كبار الباحثين المشاركين من كليّة لندن الجامعية ومسؤول وحدة البحوث في “روكوول”، راسموس لاندرسو، أنّ “قانون مساعدة البدء بحياة جديدة في البلد والدمج الذي يُطبّق على المهاجرين حتى يومنا لم يؤدّ إلى أيّ نتائج مرجوّة في ما يتعلق بتشغيلهم، ولا حتى على المدى الطويل”.
أضاف: “لم نجد أيّ فرق يذكر لجهة سرعة انخراط متلقي مساعدة الدمج المنخفضة بالمقارنة مع من يتلقى الإعانة الشهرية العادية”، علماً أنّ الأخيرة تشمل الدنماركيين والمقيمين قبل تشديد القوانين في عام 2012 وما تبعه.
وسُجّل كذلك “ترابط ما بين القانون الصارم في ما يتعلق بإعانة الدمج المنخفضة وبين بعض الجرائم وسوء دمج أطفال المهاجرين”.
ويشرح الباحثون أنّهم لاحظوا “ازدياداً في نسبة الجرائم، خصوصاً في مجال السرقة، ويشمل ذلك الرجال والنساء على حدّ سواء، وقد سجّلت زيادة كبيرة في السرقات (ترتكبها خصوصاً النساء) بالمتاجر الكبرى، في حين أنّ الأطفال أصبحوا أقل ارتياداً للمدرسة بالمقارنة مع سواهم وكذلك أقلّ استيعاباً منهم، بعد بدء العمل بالقوانين المشددة. وانتهى المطاف بكثيرين من هؤلاء (الأطفال) منذ عام 2002 إلى عدم استكمال تعليمهم”.
يذكر انه فى عام 2002 ، وضعت السلطات الدنماركية تعديلها الأول تحت عنوان “قانون مساعدة البداية”، والذي أدّى إلى تقليص قيمة ما يُمنَح للوافدين حديثاً إلى البلاد، وقد استهدف خصوصاً المهاجرين بنسبة تراوح ما بين 35 و40 في المائة، و استمرّ العمل بموجب ذلك القانون حتى عام 2012، وتغيّر عنوانه ليصير “قانون مساعدة الدمج”، من دون أيّ تغيير بقيمة الأموال التي تُدفع شهرياً للمهاجرين وأسرهم إلى حين يصبحون جاهزين لسوق العمل.
يقضي تشديد حكومة يمين الوسط قوانينها مع المهاجرين بأن يعتمد هؤلاء مع الوقت على مدخولهم نتيجة عملهم وليس على الراتب الشهري المقدّم من الحكومة.
و خلص الباحثون إلى أنّه “حين يصبح المهاجرون بمعظمهم من دون عمل، وتُستقطع مبالغ من قيمة ما يدفع لهم، لا تبقى في الواقع سوى مبالغ ضئيلة بالكاد تكفيهم للبقاء على قيد الحياة”.
ومن جانبه أوضح البروفسور كريستيان دوستمان وكبير الباحثين لارس هويسغورد أندرسن، في خلال المؤتمر الصحفي الخاص بالإعلان عن نتائج الدراسة، أنّ ثمّة إشارة إلى “غياب التأثير المرجوّ لقانون مماثل على المدى الطويل. وقد بيّنت النتائج بوضوح عدم توفّر وظائف كافية للمهاجرين.
أوّلاً. فالوافدون إلى الدنمارك من دون اختصاصات، وعند اطلاعهم على الرواتب، تنتهي بهم الحال من دون عمل.
ثانياً، فإنّ الأمر يتعلق بكيفية التعامل مع المساعدات الشهرية النقدية. حين يجد الشخص المعني عملاً، يتوجّب عليه دفع ضرائب إلى جانب المصاريف الضرورية الكثيرة التي تجعله في نهاية المطاف مع مبلغ متواضع، وهو ما يؤدّي إلى فقدان الحافز للاستمرار بالوظيفة”.
وبيّنت “روكوول” في دراستها أنّ السلطات الدنماركية عدّلت قانون المساعدة المالية الشهرية بحجة “تحفيز المهاجرين للاتجاه نحو سوق العمل، وكذلك يشمل الأمر كلّ من أقام في البلاد عاماً واحداً على أقلّ تقدير في خلال الأعوام الثمانية الماضية وهو من خارج الاتحاد “. الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية”، أي بمعنى أوضح المهاجرون واللاجئون من خارج أوروبا.
وفي بعض الحالات، بحسب بيانات عام 2017 في الدراسة البحثية، فقد جرى تخفيض الإعانة إلى 50 في المائة. على سبيل المثال، من نحو 13 ألف كرونه دنماركيةحو 2000 دولار أمريكى ) خُفّضت المساعدة إلى نحو 6500 كرونه (نحو 1000 دولار) لأسرة تتألّف من ثلاثة أفراد (والدان وولد واحد)، وهو ما يعني أقل من 100 ألف كرونه (15 ألف دولار) سنوياً. ومن ذلك يسدّد المهاجرون تكاليف المعيشة وجزءاً من بدل الإيجار.
يُذكر أنّ ذلك يهدف إلى “تسريع توجّه هؤلاء إلى العمل وتعزيز الاندماج”.