اقتحام إسرائيل معبر رفح واحتلال الحدود مع مصر تواطؤ أم ضعف؟

بعد فضيحة الصمت على تهديد إثيوبيا أمن مصر القومي ببناء وملء سد النهضة والتحكم في مياه النيل، استيقظ المصريون في 7 مايو 2024 على كارثة ثانية هي احتلال إسرائيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ضاربة عرض الحائط باتفاقية التطبيع كامب ديفيد

احتلت الدبابات الإسرائيلية الحدود المصرية وقتلت عشرات الفلسطينيين وسيطرت على المعبر ومحور صلاح الدين (فيلادلفيا) ورفعت أعلام إسرائيل، وسط تواطؤ مريب من النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي، بحسب تحليل لموقع “الاستقلال”.

انهارت خطوط السيسي الحمراء واحدا تلو الآخر أمام إثيوبيا ثم إسرائيل، واختفت بيانات الجيش المصري بصورة أثارت الاستغراب، وسط صعود كيانات ومليشيات غريبة هي التي تتحدث باسم مصر مثل “اتحاد القبائل العربية”

اقتحام الاحتلال الإسرائيلي معبر رفح من الناحية الفلسطينية واحتلال وقصف محور صلاح الدين (فيلادلفيا) على بعد 50 مترا من حدود مصر مع غزة، خرق إسرائيلي واضح لاتفاقية السلام الموقعة مع مصر عام 1979، وفق مراقبين وقانونيين.

وخرق واضح للملحق الأمني الخاص باتفاقية فيلادلفيا 2005 واتفاقية المعابر لعام 2005، والأهم أنه خرق للسيادة المصرية، ومع هذا جاء رد الفعل المصري غريبا ما أثار تساؤلات حول إذا ما كان ذلك تواطؤا أم ضعفا؟

بيان وزارة الخارجية المصرية الذي علق على هذا الغزو لرفح تحدث عن الأمر كأن مصر لا يعنيها وقوف الدبابات الإسرائيلية على حدودها، ولا خرق اتفاق السلام، أو كأنها جمهورية موز لا يعنيها ما يجرى وتطالب إسرائيل بضبط النفس.

البيان أدان الغزو بصفته يهدد النازحين ويعرقل المساعدات وصفقة تبادل الأسرى، ولم ينطق ببنت شفة حول تهديد السيادة والأمن القومي المصري أو خرق اتفاق السلام.

ماذا جرى؟

برغم إجماع محللين سياسيين وخبراء عسكريين على أن ما جرى هو محاولة من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وجيشه لالتقاط “صورة انتصار” قرب الحدود المصرية قبيل إبرام اتفاق وقف الحرب مع حركة حماس، إلا أنهم عدوا ما جرى سابقة خطيرة.

مراسل صحيفة “يديعوت أحرونوت” قال إن الغارة التي قام بها الجيش الإسرائيلي في رفح “محدودة ومركزة” وشارك فيها لواءان فقط هما “جفعاتي” و”401″

وأوضح “يوآف زيتون” أن “الهدف رمزي وتم تصويره بشكل جيد لإظهار عبور الحدود مع مصر التي تم الاستيلاء عليها دون مقاومة كبيرة” وتم إبلاغ الأميركيين.

وتحدث محللون عن أن نتنياهو أراد بعملية رفح ثلاثة أمور: أن يستعرض قوته، ويرضي المتطرفين في حكومته بن غفير وسموتريتش، ويشتري بها صمتهما، وينفذ وعده الذي كبل نفسه به منذ شهور، والذي رأى فيه أن دخول رفح قرين بالنصر.

لكن ما جرى شكل صفعة مهينة لكرامة وسيادة مصر وجيشها، حيث تحدى الجانب الإسرائيلي علنا الجانب المصري أمام العالم كله، وأثبت أن له اليد العليا على الحدود المصرية، وسط صمت الجيش المصري، والسيسي الذي ظل يضع خطوطا حمراء وهمية.

تعمد الجنود الإسرائيليون نشر صورهم فوق الدبابات وعليها أعلام إسرائيل من الحدود المصرية الفلسطينية، كأنهم ينقلون رسائل تحدٍّ لا لحماس، ولكن لمصر التي وقفت صامتة.

وبحسب إعلام عبري وفلسطيني، اخترقت دبابات إسرائيلية محور فيلادلفيا ووصلت في ظل القصف على بعد 200 متر من معبر رفح المصري ثم اقتحمت المعبر وقتلت 20 من الموظفين فيه بزعم أنهم من مقاتلي حماس.

وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية سيطرة الفرقة 162 مع اللواء 401 وجفعاتي على معبر رفح، ونشرت مشاهد لدبابة إسرائيلية وهي تقوم بتخريب معالم المعبر.

وأظهرت صور وفيديوهات تعمد الاحتلال نشرها بكثافة –لأخذ لقطة الانتصار-وجود آليات الاحتلال داخل المعبر، بعد قصف عنيف بأحزمة نارية، وذلك في وقت توقفت فيه حركة السفر وإدخال المساعدات.

ورأى المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، 7 مايو 2024 أن احتلال الجيش الإسرائيلي الجانب الفلسطيني في معبر رفح ومحور فيلادلفيا جاء “على خلفية المفاوضات على الصفقة”.

أوضح أنه “في أعقاب موافقة حماس على الصفقة “ادعوا في المستوى السياسي الإسرائيلي أنه من الجائز أن المصريين والأميركيين توصلوا إلى تفاهمات مع حماس من وراء ظهر إسرائيل، من خلال تعديل المقترح المصري الذي ردت إسرائيل عليه بالإيجاب قبل حوالي أسبوعين”

ورأى “هرئيل” أن إعلان مكتب نتنياهو عن إيفاد فريق عمل، ليس رفيعا، إلى الوسطاء لمواصلة المفاوضات وفي موازاة ذلك بدأت عملية عسكرية إسرائيلية في رفح، “هو على ما يبدو تلميح أولي من جانب نتنياهو بشأن عزمه رفض المقترح، بعد رد حماس الإيجابي”

وأضاف أن احتمال حدوث تقدم في المفاوضات حول الصفقة لا يزال ضئيلا، “لكن من الجائز أن قادة حماس، بردهم الإيجابي، دقوا أسافين بين إسرائيل والولايات المتحدة”

مؤشرات تواطؤ

عقب التهديدات الإسرائيلية باقتحام معبر رفح زار مدير المخابرات الأميركية وليم بيرنز ومكث عدة أيام تحت لافتة بحث اتفاق وقف القتال في غزة، لكن مراقبين مصريين رجحوا أن يكون بحث أيضا ترتيبات دخول إسرائيل لرفح بحثا عن صورة نصر.

وقبل 24 ساعة من اقتحام قوات الاحتلال لمعبر رفح وما تردد عن غلق المعبر ووقف السفر، تعمدت السلطات المصرية التأكيد عبر وسائل الإعلام أن “المعبر لم يغلق وأن أي ادعاءات بغلقه هي محض افتراء وأكاذيب”

لكن المفارقة أن “مصر أغلقت معبر رفح بالإسمنت، ومنعت الدخول إليه والخروج منه منذ 6 مايو” حسبما أكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في 7 مايو 2024.

بل ونشرت الصحيفة صورا قالت إنها لإغلاق معبر رفح البري من الجانب المصري بكتل خرسانية من جانب السلطات المصرية.

أيضا ذكرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن “المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا مصر خلال ساعات الليلة التي سبقت اجتياح رفح ببدء عملية الاقتحام”، وسط صمت مصري رسمي وإعلامي.

واكتفت مصر بإصدار بيان لوزارة الخارجية 7 مايو/آيار 2024 “يدين العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية وسيطرتها على الجانب الفلسطيني لمعبر رفح”، ولكنها لم تعده خرقا لسيادة مصر أو اتفاق السلام.

الأغرب أن مصر دعت “الجانب الإسرائيلي إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية ذات التأثير بعيد المدى، والتي من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل قطاع غزة”

ودعت “جميع الأطراف الدولية المؤثرة بالتدخل وممارسة الضغوط اللازمة لنزع فتيل الأزمة الراهنة، وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لتحقق نتائجها المرجوة”

وخلال انتظار الرد المصري، اكتفت لجان السلطة المصرية بمطالبة المصريين بالصبر وهدوء الأعصاب و”الثقة في القيادة”

وأكدوا أن “مصر دولة قوية ومستعدة لكل السيناريوهات من شهور، والقيادة المصرية شديدة الحكمة والذكاء، والقوات المسلحة إيديها طايلة”.

وكانت مفارقة أن يؤكد أستاذ العلوم السياسية المصري، طارق فهمي، القريب من دوائر السلطة ويعمل في مركز أبحاث استخباري أن “مصر تكثف اتصالاتها في الوقت الحالي لحث الجانب الإسرائيلي على الانسحاب من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح!”.

واعترف أن السيطرة الإسرائيلية “تهدد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل”

لكنه اكتفي بالقول لموقع “الحرة” إن “مصر تسعى للتفاهم مع الجانب الإسرائيلي حتى يقتصر وجود القوات الإسرائيلية على “منطقة معينة بشرق رفح”، وعدم توسيع نطاق العملية العسكرية بالمدينة الجنوبية”

لكن الخبير العسكري والإستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، قال للموقع الأميركي إن السيطرة الإسرائيلية على رفح بمثابة “تهديد غير مباشر لمصر وتمس اتفاق السلام المصري الإسرائيلي”

ووصف الاقتحام بأنه “يمثل تحرشا بالأراضي المصرية”، ولكن لم يذكر كيف سترد مصر وما سر صمت السيسي والجيش.

لهذا انتشر في مصر وسم ” #السيسي_خاين_وعميل” متسائلين: أين ذهبت تصريحات نظام السيسي عن أن محور فيلادلفيا خط أحمر وتهديد للأمن القومي؟!

ورأى نشطاء أن ما جرى في الأيام الأخيرة يشير لـ “عملية تضليل كبرى برعاية الوسيط المصري وبضمانة أميركية”

واستغرب الفلسطينيون والمصريون صمت القبور من جانب نظام السيسي ودول العالم عما جرى بتقدير أن تحريك قطع عسكرية في هذه المنطقة الحدودية مخالف لاتفاقية السلام.

قالوا إن هذا يعني واحدة من أمرين: إما أن هذا الاقتحام تم بالتنسيق مع الجانب المصري، أو أنه تم عبر انتهاك صارخ للاتفاقية الموقعة بين الطرفين ما يتطلب ردا مصريا حاسما وحازما للحفاظ على سيادتها، وهو ما لم يحدث.

وكانت مدينتا “سرت” و”الجفرة” على بعد 1000 كيلو متر من حدود مصر الغربية، لكن السيسي عدها “خطا أحمر” وهدد باجتياح الجيش المصري لليبيا وقصفها، بدعوى أنها جزء من الأمن القومي المصري.

لكن دخول دبابات الاحتلال على بعد 43 مترا لم يعده السيسي خطا أحمر.

4 أدلة

وقد ظهرت أربعة أدلة رصدتها “الاستقلال” لتوافق مصري إسرائيلي أميركي حول بدء هذا الهجوم على رفح على النحو التالي:

الأول: إعلان مصر بشكل صريح موافقتها على العملية العسكرية في رفح في تصريحات وزير الخارجية سامح شكري لقناة “سي إن إن” الأميركية في 16 أبريل/نيسان 2024.

فردا على سؤال عن الهجوم الإسرائيلي وماذا ستفعل مصر لو هرب الفلسطينيون للنجاة باتجاه حدود مصر؟ واحتمالات أن تفتح مصر أبوابها للاجئين الفلسطينيين قال شكري إن مصر ستتعامل مع نزوح أهالي غزة بالأسلوب المناسب والإنساني و”الطريقة التي ستفعل بها ذلك ستعتمد على الظروف”.

الثاني: إعلان شركة إبراهيم العرجاني الانتهاء من إنشاء منطقة عازلة جديدة على حدود رفح، حيث كشفت مصادر فلسطينية عن انتهاء مصر من إنشاء منطقة عازلة محاذية للحدود مع غزة، والمرتبطة بسيناريو تهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع، في حال شن الاحتلال الإسرائيلي هجوما بريا على مدينة رفح.

وكانت مؤسسة سيناء الحقوقية، كشفت في 14 فبراير/شباط 2024، عن شروع مصر في بناء المنطقة العازلة، وقالت إنها محاطة بأسوار، بهدف استقبال اللاجئين من قطاع غزة، في حال بدء سيناريو تهجيرهم إثر عملية اجتياح بري لمدينة رفح.

ونقلت عن اثنين من المقاولين المحليين قولهم، إن “أعمال البناء جرت من شركات محلية من الباطن، بتكليف من شركة “أبناء سيناء” للتشييد والبناء، المملوكة لرجل الأعمال المقرب من السلطة إبراهيم العرجاني”، موضحة أن المنطقة العازلة ستكون محاطة بأسوار بارتفاع 7 أمتار.

الثالث: تأكيد مصادر مصرية وفلسطينية وصول 500 عسكري فلسطيني تابعين لمدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج إلى المنطقة العازلة.

ومهام هذه القوة الأمنية وفق المصادر الفلسطينية تتركز في ثلاث نقاط: الإشراف على المنطقة الأمنية العازلة في حال خروج الفلسطينيين من قطاع غزة إليها، بالتنسيق مع الجانب المصري.

والإشراف على المساعدات الإنسانية وتوزيعها عليهم، والمرسلة إلى مدينة رفح جنوب القطاع وتجهيز عناصر القوة الأمنية التابعة للسلطة، لتسلم إدارة معبر رفح.

وكانت “الاستقلال” كشفت تفاصيل “إفشال المؤامرة وكيف أظهر تسلل مخابرات عباس إلى غزة قوة حماس”

وتأكيد القناة 14 الإسرائيلية في 12 مارس/آذار 2024، تحركات ماجد فرج، لبناء قوة مسلحة جنوب غزة، وأن “إسرائيل تجري محادثات مع السلطة الفلسطينية لقبول مسؤولية توزيع المساعدات في قطاع غزة وتداعيات الحرب”

وتحدثت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في 14 مارس 2024، عن “تفاصيل خطة أعدتها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ووافق عليها رئيس جهاز الاستخبارات بالسلطة الفلسطينية، ماجد فرج، تقضي بنشر آلاف من عناصر حركة فتح في غزة”

الرابع: تأكيد صحف أميركية أن واشنطن نسقت مع إسرائيل الهجوم البري على رفح وستشارك فيه بدعاوى منع قتل آلاف السكان وأن بناء الميناء البري علي البحر هدفه تهجير من يرغب.

وكشفت مجلة “بوليتيكو” في 28 مارس/آذار 2024، أن “المسؤولين المصريين طرحوا عددا كبيرا من الطلبات من الولايات المتحدة”، خلال المفاوضات الدائرة بشأن الحرب في غزة.

وأوضحت أن مصر طلبت “تمويلا ومعدات أمنية”، ما أظهر أن “نظام السيسي ربما يسعى للاستفادة من اقتحام إسرائيل رفح” وفق الصحيفة.

ونقلت عن خمسة مسؤولين من مصر والولايات المتحدة وإسرائيل أن القاهرة “طلبت توفير شرائح إضافية من التمويل والمعدات العسكرية الجديدة– مثل أنظمة الأمن والرادار– لتأمين الحدود مع غزة، استعدادا لعملية عسكرية إسرائيلية برية في رفح”

وقبل هذا كشف تقرير “معهد الأمن القومي الإسرائيلي” (INNS) الصادر 6 ديسمبر/كانون أول 2023 الذي أعده ثلاثة باحثين صهاينة، كشف عن ستة نقاط للتوافق المصري الإسرائيلي في مرحلة ما بعد طوفان الأقصى.

هي نزع سلاح قطاع غزة وإضعاف حركة حماس تحديدا، واقامة نظام سياسي في غزة يتمتع برضا كل من إسرائيل ومصر.

والتنسيق بين مصر وإسرائيل لإضعاف محور المقاومة إلى أبعد قدر ممكن، وضمان أن تكون مصر هي الوسيط الأساسي في أي مشكلات مستقبلية بين إسرائيل وغزة.

والتعاون لتوسيع قاعدة تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية عبر ترتيبات إقليمية، وتقديم مساعدات اقتصادية لمصر تشمل: الإعفاء من نسبة معينة من ديون مصر، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في سيناء بقطاعات الطاقة والسياحة والمياه.

تهديدات فارغة

منذ إعلان إسرائيل نيتها احتلال معبر رفح وممر صلاح الدين (فيلادلفيا) في قطاع غزة، هددت مصر في عدة بيانات أغلبها من هيئة الاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية برد فعل قوي.

كان أعنفها في 22 يناير 2024 حين قالت مصر، إن “أي تحرك إسرائيلي في اتجاه احتلال ممر فيلادلفيا أو صلاح الدين في قطاع غزة سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية الإسرائيلية”

وقالت في بيان صادر عن ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات الرسمية، تعليقا على تصريحات مسؤولين إسرائيليين، على رأسهم نتنياهو، أن “أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه، سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية الإسرائيلية”

وهددت القاهرة بأنها “قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها”، وطالبت “الجانب الإسرائيلي بأن يظهر احترامه لمعاهدة السلام”

بل إن بيان “رشوان” تحدث عن خطوط السيسي الحمراء التي تراجع عنها كلها، قائلا: “وينضم هذا الخط المصري الأحمر (عدم المساس بممر فيلادلفيا) إلى سابقه والذي أعلنته مصر مرارا، وهو الرفض القاطع لتهجير أشقائنا الفلسطينيين قسرا أو طوعا إلى سيناء”

وفي 10 يناير/كانون الثاني 2024 ذكرت القناة “12” الإسرائيلية (خاصة)، أن القاهرة رفضت طلبا من تل أبيب بأن تتولى إسرائيل تأمين منطقة “محور فيلادلفيا” الحدودي بين مصر وقطاع غزة.

وعاد رشوان ليهدد مجددا في 22 فبراير/شباط 2024 خلال مداخلة هاتفية مع قناة “الجزيرة مباشر”، بأنه “إذا احتلت إسرائيل محور فيلادلفيا فمصر تحتفظ بكل حقوقها للدفاع عن أمنها” دون توضيح كيف؟!

وقال ردا على سؤاله عن موقف الدولة المصرية إذا نفذت إسرائيل احتلال محور فيلادلفيا (صلاح الدين) إن “مصر تحتفظ بكل الحقوق التي يتيحها لها القانون الدولي فيما يتعلق بخرق الاتفاقيات وحق دفاعها عن الأمن القومي” بحسب صحيفة “الشروق”

وقبل الغزو الإسرائيلي لرفح بـ 24 ساعة، أكد البرلمان المصري أن “اتفاقية السلام لا تسمح لإسرائيل بالتحرك بمحور فيلادلفيا”، مؤكدا أن “الأمن القومي المصري خط أحمر”

ونقلت صحيفة “اليوم السابع” في 6 مايو عن اللواء أحمد العوضي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، إن “مصر لديها رئيس لن يتهاون في حماية الأمن القومي”

وقال إن اتفاقية السلام الموقعة بين القاهرة وتل أبيب لا تسمح لإسرائيل التحرك في نطاق المنطقة الحدودية بين قطاع غزة ومصر لا سيما محور صلاح الدين “فيلادلفيا” إلا بموافقة مصر.

مؤكدا أن “مصر لن تسمح بأي حال من الأحوال دخول الجيش الإسرائيلي إلى المناطق غير المصرح بها طبقا لبنود اتفاقية السلام”

ومحور فيلادلفيا أو محور صلاح الدين يقع على شريط يمتد على الحدود بين مصر وقطاع غزة، ويقع ضمن المنطقة «د» العازلة بموجب اتفاقية السلام التي وقعتها مصر وإسرائيل عام 1979.

وفي 30 ديسمبر/كانون الأول 2024 قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن ممر فيلادلفيا يجب أن يكون “بيد إسرائيل”، مشيرا إلى أن هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان مكافحة التهريب وتجريد قطاع غزة من السلاح.

وبعد نحو أسبوعين كرر الطلب، وقال في 13 كانون الثاني/يناير 2024 إن السيطرة الإسرائيلية على القطاع هي “أحد الاحتمالات لما أسميه الجدار الجنوبي”.

وفي بداية يناير/كانون الثاني 2024، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن إسرائيل أبلغت مصر بخطط للقيام بعملية عسكرية لاستعادة السيطرة على ممر فيلادلفيا.

ونصت معاهدة السلام التي وقعتها مصر مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1979 التي تعرف إعلاميا بمعاهدة كامب ديفيد، على منطقة عازلة بطول الحدود أو ما عرف بمحور فيلادلفيا.

ويمتد هذا المحور من البحر المتوسط حتى معبر كرم أبو سالم بطول الحدود المصرية-الفلسطينية التي تبلغ 14 كيلومترا.

ومع انسحاب الاحتلال من قطاع غزة، نُقل الإشراف على المحور ومعبر رفح إلى السلطة الفلسطينية، مع وجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي، فيما عرف باتفاقية المعابر.

وفي سبتمبر 2005 وعقب انسحاب إسرائيل من غزة، وقعت مع مصر “اتفاق فيلادلفيا” الذي سمح بوجود قوات مصرية (750 جنديا) بأسلحة خفيفة في المنطقة لتأمين الحماية ومنع التسلل والتهريب ومنع الإرهاب عبر معبر رفح.

والاتفاق مُكون من 83 بندا تفصل التزامات مصر وإسرائيل حول المناطق الحدودية التي انسحب منها إسرائيل عام 2005، وتوضح مهمات القوات المصرية وتركيبتها، معداتها وتسليحها، ودورها.

ومحور الاتفاق هو أن يتحمل الطرفان مسؤولية مكافحة الأنشطة المعادية المتعلقة بالتهريب، والتسلل والإرهاب من أراضي أي من الدولتين، لكنه عمليا جعل القوات المصرية تمارس نفس مهام قوات الاحتلال في حصار غزة، قبل انسحابها من هناك.

وبموجب الاتفاق قامت الحكومة الإسرائيلية بنقل سلطة محور صلاح الدين إلى السلطة الفلسطينية، وتم فتح الجانب الفلسطيني من معبر رفح في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، بإدارة فلسطينية مصرية إلى جانب مراقبين من الاتحاد الأوروبي.

وقد استمر ذلك حتى سيطرة حماس على السلطة عام 2007 في غزة وطرد السلطة الفلسطينية، حين تم إدخال تعديلات على اتفاق فيلادلفيا في 16 يوليو 2007 وأضيفت بنود وتفاهمات جديدة لإحكام الحصار على غزة، أغلبها سرية.

وتشترك مصر وغزة في شريط حدودي طوله 14 كيلو مترا معروف بـ “محور صلاح الدين-فيلادلفيا”، وكانت إسرائيل تتولى تأمينه حتى 2005 قبل انسحابها الأحادي الجانب من قطاع غزة، والذي عرف بـ “فك الارتباط”.

شاهد أيضاً

بعد 10 ساعات .. إيران تعلن رسمياً مقتل رئيسها ووزير الخارجية في تحطم المروحية

بعد 10 ساعات من البحث، أعلنت طهران، صباح الإثنين 20 مايو/أيار 2024، مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم …