غلاء الأسعار يحرم المصريين من شراء الفواكه.. ونشطاء يدشنون حملة لمقاطعتها

تشهد الأسواق المصرية حالياً ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الفاكهة والخضروات, مما دفع المواطنين لتدشين حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت شعار “خليها تعفن”، في إشارة للامتناع عن الشراء، حتى تفسد لدى الباعة ويضطروا لخفض أسعارها.

وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاجات تحت عنوان “حملة مقاطعة الفاكهة خليها تعفن”، و “لا للاستغلال”، و”مقاطعة الفاكهة”، فيما رصد متابعون ارتفاعا كبيرا بأسعار الفاكهة، وقالوا إن الجوافة بموسمها الآن تباع من (15- 25) جنيها للكيلو، والعنب من (20- 25) جنيها، والمانجو من (20-50) جنيها، أما البلح فاكهة الفقراء فيباع بين (10-20) جنيها، والتين من (15-25) جنيها، والكومثري من (20 -30) جنيها، والموز من (20-30) جنيها، والبرقوق من (40 -60)، والتفاح المستورد من (40 – 70) جنيها.

الأسعار والتجار

وأرجع صاحب مزرعة الفواكه سبب ارتفاع الأسعار لعدة أسباب، منها زيادة أسعار السولار الذي يستخدم بجميع الآلات الزراعية وفي الري ونقل المحصول، مؤكدا لـ”عربي21″، أن “صفيحة الجاز التي كنا نشتريها قبل 4 سنوات بـ20 جنيها وصلت اليوم 140 جنيها، هذا إلى جانب ارتفاع أجر العامل اليومي وزيادة أسعار الأسمدة والمبيدات”، مطالبا الدولة بدعم الفلاح، وعدم تركه نهبا للأسعار والتجار.

الآفات هي السبب

 وحول أسباب الارتفاع الجنوني بأسعار الفواكه في مصر رغم رفض دول أوروبا وأمريكا والخليج العربي استيرادها، أكد نقيب الفلاحين حسين عبدالرحمن أبوصدام، أن “غلاء الأسعار مع ضعف جودة الفواكه يرجع لقلة العرض مقابل كثرة الطلب”، مشيرا إلى تعرض معظم محاصيل الفاكهة للآفات.

وفي حديثه، بين أن الآفات “قضت علي 50 بالمئة من محصول المانجو، و60 بالمئة من محصول المشمش، وأن بقية الفواكه تأثرت إنتاجيتها هذا العام بنسب مختلفة”.

وبين نقيب الفلاحين أن من الأسباب الأساسية لارتفاع أسعار الفواكه هو “ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية من أسمدة وتقاوي، وتكلفة الآلات الزراعية بالري والحصاد وتصليح الأرض، وزيادة تكلفة الأيدي العاملة بشكل جنوني” حسبما ذكر موقع”عربي21″..

وأوضح أن “تصدير بعض المحاصيل في ظل هذا المناخ يؤدي لزيادة الأسعار في السوق  المحلي، بالإضافة إلى ما يكلفه عامل النقل للمحاصيل؛ لبعد الأسواق عن أماكن الإنتاج”.

غالية وغير آمنة

وقالت الناشطة ماجدة محفوظ، إحدى المتبنيات للحملة، إنه في ظل تصاعد أسعار الفاكهة قرر مجموعة من الشباب من مدينة المنصورة إطلاق حملة “خليها تعفن”، مضيفة أنها تبنت الفكرة، ودعت إليها بعدما تحدثت مع أسرتها، واستمعت منهم كيف أنهم الآن يشترون فاكهة لليوم الواحد بـ300 جنيه على الأقل، بعدما تضاعفت أسعارها بشكل كبير.

محفوظ، أعلنت أسفها، بأن الفاكهة أصبحت “غير آمنة”، ضاربة المثل بوجود “بودرة بيضاء علي العنب لها رائحة كريهة، ووجود (دود) بالجوافة، في ظل تضاعف أسعارها”، مشيرة إلى تصاعد سعر المانجو بصورة يومية.

وحول مدى انتشار الحملة، أكدت أن “الكثيرين تحدثوا معي عن انضمامهم لها”، مشيرة إلى أن “الكثير من المصريين يقاطعون الفاكهة مجبرين”، مؤكدة أن “داعمي الحملة رغم رؤيتهم بأن التجار ضلع ضعيف في المعادلة، إلا أنهم قالوا إنه من الواجب دفعهم لخفض الأسعار، ورفع أصواتهم بوجه الحكومة لإيجاد حلول لهذه الأزمة” حسبما ذكر موقع”عربي21″..

وقالت الناشطة المصرية إن “الفقر الذي أصاب قطاع الطبقة الوسطي منعهم من مجرد التفكير بشراء الفواكه، فضلا عن شراء الغذاء الأساسي لأطفالهم”، مضيفة: “بل إنهم يعيشون علي وجبة واحدة، في حين أن جنرالات الجيش وأذرعه الإعلامية والقضائية، أي بضع آلاف من شعب تعداده أكثر من 100مليون، يعيشون ببذخ لم يعرف التاريخ له مثيلا”.

وأشارت إلى أنهم “لا يستحون من نشر مثل هذه الموائد التي يسرقونها من قوت الشعب ومن تجريف مصر داخليا وخارجيا علي الهواء في احتفالات مختلفة أفراح وأعياد ميلاد وغيرها، بلا خجل من شعب يطالبونه بالتقشف لأجل مصر”.

خطوة للعصيان المدني

وقالت إحدى المصريات التي تتبني المبادرة (ي.أ)، قالت حول توقعاتها لنجاح المقاطعة بتخفيض الأسعار، إن “الفيصل هو استجابة المهتمين بالحملة، وإعلان ذلك بنية المقاطعة فعلا”.

وحول تحميل الحملة المسؤولية فقط للتجار عن رفع أسعار الفواكه وعدم تحمل الأمر على الحكومة التي رفعت الأسعار ولا تراقب الأسواق، قالت رافضة ذكر اسمها: “لا نتهم التجار، وإنما نتهم صمتهم ودعمهم المستمر لطغيان الحاكم العسكري وأذنابه”, حسبما ذكر موقع”عربي21″.

وبسؤالها حول ما الذي يمكن أن يفعله التاجر أو الفلاح أو الوسيط الذي ينقل المحصول، وجميعهم يشتكون غلاء مدخلات الإنتاج والوقود وغيرها، أكدت أن “كلا منا على ثغر، فليفعل كل منا ما بوسعه حتى نصل لمرحلة (العصيان المدني) الكامل”.

وحول تجربتها بشراء الفواكه، قالت إن الأسعار زادت بشكل مبالغ فيه عن العام الماضي، زيادة غير مبررة تبعت مباشرة عيد الأضحى أو قبله بقليل، مؤكدة أنها “اختارت مقاطعة الفاكهة كخطوة يسيرة يسهل الانصياع لها، إذ هي سلعة ليست أساسية، ولكن الواقع هو زيادة رهيبة في كل أسعار الخضروات واللحوم وخلافه”.

المقاطعة سلاح ذو حدين

وقال منسق جمعية مصريين ضد الغلاء محمود عسقلاني، إن دعوة المقاطعة ظهرت عفوية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يمكن أن يؤدي لبعض السلبيات، فالمقاطعة سلاح ذو حدين، ما لم يكن فعال وناجح قد يأتي بآثار سلبية”.

وأضاف عسقلاني “من جهتنا تضامنا مع الحملة حتى نهاية الأسبوع، وبعد ذلك سنرى تأثيرها، وفي كل الأحوال نحن ندعو لدخول كل الداعين لمقاطعات ناتجة عن الغلاء إلى التوحد تحت لواء “الاتحاد المصري لتوحيد حملات المقاطعة”

وذلك لضمان فاعلية حملة المقاطعة، وكذلك يجب أن يكون هناك فهم ودراسة للسوق قبل إطلاق أي حملة مقاطعة، فلا يعقل مثلا إطلاق حملة لمقاطعة اللحوم عقب عيد الأضحى مباشرة، لأن العرض نفسه يتراجع، ولا قبيل عيد الأضحى مباشرة لأنها لن تجد استجابة”, حسبما ذكرت وكالة “سبوتنيك”.

ربما لم يظهر أثر الحملة بشكل كافي في الأسواق، ولكن مجرد إعلانها قد يكون مؤثر، ويؤكد عسقلاني: “تواصلنا مع تجار سوقي العبور و6 أكتوبر، وهما أكبر سوقين لتجارة الفاكهة والخضروات في مصر، وقالوا لنا أن المبيعات انخفضت بالفعل، ولكن حتى الآن أسعار المستهلك لم تتأثر بوضوح، ربما شهدت انخفاضات طفيفة ولكن لا يمكن اعتباها تراجعت بشكل حقيقي”.

ويرى عسقلاني أن الارتفاع في أسعار الفاكهة خاصة يبدو غير مبرر للمستهلك، ويقول إن هناك مبالغة كبيرة في أسعار الفاكهة تحديدا، فمثلا كيلو العنب يباع في أسواق الجملة بـ12 جنيه، ويباع للمستهلك بـ 25 جنيه (الدولار حوالي 17.85 جنيها)، أي بضعف سعر الجملة، وهناك الكثير من أنواع الفاكهة والخضروات تباع للمستهلك بأكثر من سعر الجملة، ما يعني أن هناك فرصة كبير لخفض الأسعار، كما أن المادة العاشرة من قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار تتيح الفرصة لتحديد الأسعار لمحاربة الغلاء، وهذه مهمة جهاز حماية المنافسة”, حسبما ذكرت وكالة “سبوتنيك”.

منع الاحتكار

ومن جهتها قالت رئيسة جهاز حماية المنافسة السابق منى الجرف، لوكالة “سبوتنيك”، إن جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، دوره محاربة الاحتكار والممارسات الاحتكارية، وليس دوره التدخل لتحديد أسعار، المادة العاشرة في القانون تعطي مجلس الوزراء صلاحية التدخل لتحديد أسعار منتجات وليس الجهاز”.

وتابعت: “الفارق الكبير بين سعر الجملة وسعر المستهلك قد يسمح بالفعل بخفض الأسعار ولكن ليس هذا ما يراه بعض بائعو الفاكهة، فأحد بائعي الفاكهة في ميدان العباسية، فضل عدم ذكر اسمه، يقول لوكالة “سبوتنيك”: “سعر الجملة لا يحدد وحده سعر المستهلك، لأن تكلفة النقل مثلا ارتفعت بشدة بعد رفع أسعار الوقود، كما ارتفعت أجور العمالة، والأهم أن نسبة التلف في الفاكهة والخضروات نتيجة النقل والتخزين في ظل ارتفاع حرارة الجو ترفع الأسعار”.

وقد يبدو غريبا أن يعتبر الباعة ارتفاع الأسعار في غير صالحهم، يؤكد بائع العباسية “ارتفاع الأسعار ليس في مصلحة البائع، لأن الأسعار المرتفعة تقلل البيع، من مصلحتي أن تنخفض الأسعار حتى أبيع كميات أكثر بدلا من بيع كميات أقل بأسعار مرتفعة، لأن باقي البضاعة ستتلف والمحصلة ستكون الخسارة”.

ورغم أن الحملة موجهة ضد التجارة بالأساس وتتهمهم ضمنا بالجشع إلا أن التجار وممثلوهم يرون الأمر بشكل مختلف، حيث يؤكد رئيس شعبة الخضروات والفاكهة في غرفة التجارة، حاتم نجب، أنه يتمنى أن تؤدي الحملة لخفض الأسعار بالفعل، ويؤكد لوكالة سبوتنيك”: “لا ننكر أن الأسعار مرتفعة بالفعل، وهذا لا يحقق لا مصلحة المستهلك ولا التاجر، نحن في جانب المواطن، وإذا كانت هذه الحملة في صالح المواطن، ولها حس وطني، فنحن معها، ولكن يجب الانتباه أن هناك عوامل تؤدي لارتفاع الأسعار يجب معالجتها”.

نظام الانقلاب العسكري هو السبب

‏ويرى مستشار وزير التموين الأسبق، الدكتور عبد التواب بركات‏، أن المقاطعة ستضر بفئات أخرى، قائلا: “النظام رفع سعر الأسمدة والتقاوي والسولار وتكاليف النقل، والمقاطعة للمنتج المحلي سوف تخرب بيت المزارعين، الذي خربته الحكومة بالفعل”، موضحا أن هذا يسبب “تراجع بالإنتاج تزيد الأسعار معه مرة أخرى”.

بركات قال في تعليقه على دعوة المقاطعة عبر صفحته بـ”فيسبوك”: “باختصار نظام الانقلاب العسكري هو السبب ليس الفلاح ولا التاجر، داعيا أصحاب دعوة المقاطعة لإهداء هذا الرأي لـ”الجنرال الذي تعهد 7 مرات بعدم رفع الأسعار وفشل”، مشيرا لحالة السخرية من الرئيس مرسي عندما كان سعر المانجو 5 جنيهات, حسبما ذكر موقع”عربي21”..

وانتقد مستشار وزير التموين المعتقل، باسم عودة، عدم وجود رقابة تموينية على الأسواق، وترك كل تاجر يبيع سلعه بالسعر الذي يروق له دون مراعاة لأوضاع الشعب.

شاهد أيضاً

مستوطنون متطرفون ينفذون أكبر اقتحام للأقصى منذ بدء “طوفان الأقصى”

نفذ مستوطنون، اليوم الخميس، أوسع اقتحام للمسجد الأقصى المبارك يتم خلال يوم واحد، وذلك منذ …