فرنسا تدرس ملف الإخوان المسلمين والاسلاموفوبيا تتصاعد

تصاعدت حدة الهجوم على المسلمين في فرنسا، خاصة مع تولي إيمانويل ماكرون، رئاسة فرنسا، ودأب المسؤولون في فرنسا، وعلى رأسهم وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، على الهجوم على كل ما له علاقة بـ”الإسلام السياسي في فرنسا والإخوان المسلمين”، ودأب كذلك على الترويج لفكرة “الانفصالية الدينية” وتأثيرها على “تماسك ووحدة المجتمع الفرنسي”، وسط تحذيرات من إشعال “حرب مدنية” بسبب استهداف المسلمين بالبلاد.

لكن الانفصالية، التي يروج لها النظام الفرنسي، لتكون فزاعة للمجتمع الفرنسي، هي ببساطة استراتيجية انتخابية لمحاولة نسيان الإدارة الكارثية للحكومة (أزمة السترات الصفراء، أزمة فيروس كورونا، قمع الحريات، تدهور جودة الخدمات العامة، وما إلى ذلك) من خلال عرض المسلمين للانتقام الشعبي، حسب قول قال نجيب أزرقي، رئيس اتحاد المسلمين الديمقراطيين في فرنسا” ومرشح الرئاسة السابق.

ووفق تقرير لموقع “عربي بوست”، قال أزرقي إن وزير الداخلية الفرنسي “يقوم بحملته الانتخابية استعداداً للاستحقاق الرئاسي المقبل سنة 2027، وهذا أمر لا يخفى على أحد”.

كما أوضح أزرقي في تصريح لـ”عربي بوست” أن دارمانان يدرك جيداً أن المنافسة صعبة، خاصة مع وجود رئيس الحكومة الحالي غابرييل أتال الذي تميز بدوره باستهداف المجتمع المسلم، ولا سيما بعد قراره الأخير بحظر ارتداء العباءة في المدارس.

ويعلم دارمانان أيضاً أنه لكي يسجل نقاطاً أكثر، سيتعين عليه أن يفعل ما هو أفضل مما يفعله اليمين المتطرف. ولهذا السبب، يقول أزرقي، بدأ المسؤول الفرنسي منذ سنوات تفكيك المنظمات الإسلامية مثل جمعية “بركة سيتي” أو “التجمع ضد الإسلاموفوبيا CCIF” ومطاردة الأئمة مثل حسن إيكويسن.

وقد مكنت هذه الحالات التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة النطاق من إضفاء الطابع الديمقراطي على الإسلاموفوبيا في فرنسا وأكسبت وزير الداخلية سمعة سيئة.

إلا أن دارمانان أدرك أنه سيتعين عليه اتباع هذه الاستراتيجية في مواجهة الإسلام السياسي في فرنسا حتى لا يتخلف عنه خصومه، “وهو يواصل اليوم مهارته الفردية من خلال مهاجمة اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (مسلمو فرنسا) سابقاً” يوضح أزرقي.

كما أدرك دارمانان أن بعض المصطلحات، مثل “الإسلام السياسي” أو “الإخوان المسلمون” لها تأثير قوي على الناخبين الفرنسيين.

وفي الواقع، ركز السياسيون وبعض وسائل الإعلام تغطيتهم على هذه الرؤية الخاطئة لدرجة تصوير المسلمين وكأنهم لا يسعون إلا إلى فرض دياناتهم على الآخرين، مما أدى إلى انتشار هذا الخوف بسرعة وسط المجتمع.

في هذا السياق، نستذكر تصريحات دارمانان بشأن لاعب كرة القدم كريم بنزيما الذي اتهمه وزير الداخلية بأنه أخ مسلم “سيئ السمعة” دون تقديم أدنى دليل، وقال أزرقي لـ”عربي بوست” إن دارمانان “يواصل اليوم شيطنته للمسلمين، فانتخابه ينذر  بإشعال نار حرب مدنية جديدة في بلادنا”.

فزاعة الإسلام السياسي

وفي محاولة جديدة منه لحشد المجتمع الفرنسي ضد ما يسميه “خطر الإسلام السياسي في فرنسا”، أعلن دارمانان الأحد 5 مايو 2024، عن إطلاق مهمة حول “الإسلام السياسي وحركة الإخوان المسلمين”، وأوكل مهمة إعداد تقرير تفصيلي لمسؤولَين، أحدهما كان سفيراً لفرنسا بدول عربية.

يأتي ذلك بعد أن كانت الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) قد تبنت في شهر يوليو 2021، بشكل نهائي مشروع قانون “مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية” المثير للجدل، والذي جرى التعريف به أول مرة باسم “مكافحة الإسلام الانفصالي”، وأثار انتقادات كثيرة واتهامات للسلطات الفرنسية باستهداف المسلمين في البلاد.

يوم الإثنين 6 مايو 2024، تداولت وسائل إعلام فرنسية بياناً صادراً عن وزارة الداخلية الفرنسية، أعلنت من خلاله أن الحكومة قررت إسناد مهمة إعداد تقرير عن “الإسلام السياسي في فرنسا وحركة الإخوان المسلمين” إلى اثنين من المسؤولين سيقومان بتقديمه في الخريف المقبل.

حسب بيان وزارة الداخلية، فإن هذه المهمة التي يقودها الدبلوماسي المتقاعد فرانسوا غوييت، الذي كان سفيراً في أكثر من دولة عربية، والمحافظ باسكال كورتاد، يجب أن يقوما بإعداد “جرد لتأثير الإسلام السياسي في فرنسا”.

حسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية، فإنه يتم تقديم هذا العمل على أنه يتماشى مع الخطاب حول “الانفصالية” التي أعلنها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في عام 2020، وأدت إلى سن “قانون مبادئ وقيم الجمهورية” عام 2021.

وجاء في البيان الصحفي: “إن الانفصالية الإسلامية هي مشروع سياسي ديني نظري، يتميز بالانحرافات المتكررة عن مبادئ الجمهورية بهدف بناء مجتمع مضاد”، ويضيف البيان: “إن حركة الإخوان المسلمين تلعب دوراً رئيسياً في نشر مثل هذا النظام الفكري”، حسب البيان.

وزعم بيان وزارة الداخلية الفرنسية أن دور الإخوان المسلمين “يتجسد من خلال الممارسات المناهضة للجمهورية، مثل إخراج القاصرين الصغار من المدرسة أو تطوير الأنشطة الثقافية والرياضية المجتمعية”، على حد قوله.

فيما أشارت وسائل إعلام فرنسية إلى أنه يتعين على المكلفين بالمهمة تحليل “الأهداف والأساليب التي تستخدمها حركة الإخوان المسلمين في هذا السياق، ومواءمة الوسائل الحالية لسياسة مكافحة النزعات الانفصالية للرد عليها”.

ما الذي يخشاه وزير الداخلية الفرنسي؟

صحيفة “Le Journal Du dimanche” ذات التوجه اليميني قالت في تقرير نشرته السبت 4 مايو، إن وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، يريد “إحداث صدمة” في البلاد، وإنه يعتزم استغلال ثقل منصبه من أجل ما وصفته بـ”المعركة “في مواجهة الإسلام السياسي في فرنسا.

 

شاهد أيضاً

الأمراض النفسية تفتك بجيش الاحتلال والجنود يرفضون الذهاب لغزة

يعاني جيش الاحتلال الإسرائيلي من مصاعب تنذر بتفككه أو انهيار، فقد انتشرت في صفوفه الانتحار …