فيديو| الغاز المصري وترسيم الحدود المائية.. “السيسي” يفرط في ثروات مصر

في القانون الدولي، تعامل مياه البحر معاملة الأرض التابعة للدولة، ولها عليها حق السيادة، كأنها حدود، لا يمكن اختراقها، بالإضافة إلى حق البحث، والتنقيب عن اكتشافات للبترول والغاز في المياه العميقة، وكذلك استغلال الثروة السمكية الضخمة في هذه المساحات.

“مصر فقدت 40 ألف كيلو متر بحري بسبب الاتفاق مع اليونان في الماضي”، تصريح صادم للمتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامد أقصوي، كشف عن إرهاصات فقدان القاهرة لمساحات شاسعة من مياهها الإقليمية.

الخارجية المصرية لم ترد على هذه التصريحات، إلا أن سياسة نظام عبد الفتاح السيسي منذ صعوده إلى سدة الحكم، تعتمد على التفريط في استحقاقات أمنية وإستراتيجية مقابل البقاء.

حدث ذلك في الاستغناء عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، بموجب اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية، ثم أفقد المصريين 3 حقول من الغاز، واحد لقبرص واثنان لإسرائيل، هما ليفياثان وتمار.

وتُعدّ الوثائق التي كشفت عنها شبكة “الجزيرة“، حول ترسيم الحدود بين مصر واليونان مؤخرًا، إحدى أبرز تلك الفضائح، حيث تجاهل “السيسي” رفض رجاله في “الخارجية” واعتراضهم على تنازل مصر عن ٧ آلاف كيلو من حدود مصر المائية، وأصرَّ على استكمال الترسيم، لتنضمّ تلك الحدود لـ “تيران” و”صنافير” وحقوق مصر في غاز المتوسط، وغيرها من أرض مصر التي استولى عليها الكفيل الخليجي، وغيره.

“السيسي” يتنازل عن الحدود البحرية

وكانت شبكة “الجزيرة” قد كشفت عن وثائق تفضح كواليس ترسيم الحدود بين مصر واليونان، والتي تم إقرارها بداية ٢٠١٨، وتُظهر الوثائق اعتراض “الخارجية” على الاتفاقية وما تتضمّنه من شروط مُجحفة تُمثّل تضييعًا لحقوق مصر لحدود مصر المائية.

حيث كشفت الوثائق التي نشرتها “الجزيرة” خلافات بين الجانب المصري واليوناني، وتوصية “الخارجية” المصرية للرئاسة برفض الطرح اليوناني لترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

وشملت الوثائق مذكرة من وزير الخارجية “سامح شكري” للعرض على “السيسي”، حول الخلافات بين الجانبَيْن المصري واليوناني، وتؤكد أن تمسُّك اليونان برؤيتها يؤدّي لخسارة مصر ٧ آلاف كلم مربع من المياه الاقتصادية المصرية، من بينها ٣ آلاف كلم مربع مقابلة للسواحل التركية، موصيًا الرئاسة برفض المقترح اليوناني.

وضمّت الوثائق التي نشرتها “الجزيرة” وثيقة أخرى للمستشار القانوني في وزارة الخارجية “عمرو الحمامي“، موجهةً لـ “شكري”، يتهم فيه اليونان باللجوء لـ “المغالطات والادعاءات الواهية والأساليب المُلتوية”، ويتهم اليونان بتعمّد استغلال التوافق السياسي بين البلدين لإحراج الوفد المصري الذي يستند لحججٍ قانونيةٍ قويةٍ.

فيما ضمّت وثيقة ثالثة رد الفعل الرسمي لمؤسسة الرئاسة على لسان “عباس كامل” مدير مكتب “السيسي”، والذي كشف تجاهل وتعمُّد تضييع حقوق مصر في حدودها البحرية، حيث طالب بتكثيف التحركات الدبلوماسية لتوطيد العلاقات مع اليونان وقبرص، في تجاهل واضح لتوصيات “الخارجية”.

الغاز المصري بين “إسرائيل” واليونان

ترسيم الحدود لم يكن الخطوة الوحيدة في تضييع حقوق المصريين، حيث سبق أن استولت اليونان على حقول غاز مصرية، بموافقة نظام “السيسي”، أبرزها حقل “أفروديت” الواقع في البحر المتوسط، والذي استولت عليه قبرص وفقًا لاتفاقية ترسيم الحدود غير العادلة، والتي تمّت عام ٢٠٠٤.

“إسرائيل” تسرق الغاز المصري

لم تقتصر سرقة حقوق مصر على اليونان، بل لـ “إسرائيل” أيضًا موضع كبير من خارطة تلك السرقات، وأبرزها سرقة “إسرائيل” لحقل “ليفياثان” القريب من مدينة دمياط المصرية، والذي يُوصَف بأنه أكبر حقل غاز في منطقة بحر المتوسط، حيث يضمّ احتياطيًا يصل لـ ١٦ تريليون قدم مكعب من الغاز.

كما تُسيطر “إسرائيل” على حقل “شمشون“، منذ عام ٢٠١٢، رغم قربه من دمياط، ووقوعه ضمن ثروات مصر البحرية، وعلى الرغم من تلك السرقات المعلنة إلا أن نظام “السيسي” لم يتورّع عن شراء الغاز من “إسرائيل” بدلًا من السعي لاسترجاع حقوق مصر.

سياسات أنقرة

وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت تركيا وليبيا، توقيع مذكرتي تفاهم، الأولى حول التعاون الأمني والعسكري، والثانية بشأن تحديد مناطق النفوذ البحرية، تهدف إلى حماية حقوق البلدين النابعة من القانون الدولي، في خطوة اعتُبرت مكسبا لسياسات أنقرة في شرقي البحر المتوسط.

ويعد الاتفاق التركي الليبي، بمثابة رد قوي على مساعي اليونان وقبرص الرومية، لعزل أنقرة وإقصائها من شرقي المتوسط، عبر تأسيس آليات تعاون ثلاثية مع كل من إسرائيل، ولبنان، ومصر والأردن، أو عبر مكونات مثل “منتدى غاز شرقي المتوسط”.

بدورها، عارضت اليونان وقبرص الرومية، الاتفاقية التركية الليبية، زاعمة أنها “مخالفة للقانون الدولي”، فيما قام وزير خارجية اليونان بزيارة القاهرة ولقاء نظيره المصري سامح شكري.

وفي 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أدانت الخارجية المصرية، الاتفاق التركي مع الحكومة الليبية برئاسة فايز السراج، بتوقيع مذكرتي تفاهم في مجال التعاون الأمني والحدود البحرية.

وقالت الخارجية المصرية، في بيان: “في كل الأحوال فإن توقيع مذكرتي تفاهم في مجالي التعاون الأمني والمناطق البحرية، وفقا لما تم إعلانه هو غير شرعي، ومن ثم لا يلزم ولا يؤثر على مصالح وحقوق أي أطراف ثالثة، ولا يترتب عليه أي تأثير على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط، ولا أثر له على منظومة تعيين الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط”.

من جانبه أكد المجلس الأعلى للدولة الليبي، في 4 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، تمسكه بالمذكرة الموقعة بين بلاده وتركيا، وشدد على “أهميتها وصحتها وآثارها الإيجابية في حماية مقدرات الليبيين وشرعيتها وتوافقها التام مع أهداف بنود الاتفاق السياسي والتشريعات الليبية”.

مصر الخاسرة

في 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي: إن “تركيا وليبيا لن تسمحا برفض سياسة الأمر الواقع، بعد الاتفاقية المشتركة بين البلدين والمتعلقة بتحديد مناطق النفوذ البحرية”.

وأكد أقصوي أن “مذكرة التفاهم المتعلقة بتحديد مناطق النفوذ البحرية لتركيا، موقعة وفقا للقانون الدولي. جرى تحديد قسم من الحدود الغربية للسيادة البحرية لتركيا شرقي البحر المتوسط، عبر الاتفاقية مع ليبيا”.

وشدد أن “الاتفاقية وقعت وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك البنود ذات الصلة باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، لا سيما قرارات المحكمة التي تشكل اجتهادات القانون الدولي”.

لكن أخطر ما كشفه المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، أن “مصر خسرت (40 ألف كلم‌‌ مربع بحري لصالح اليونان بسبب الاتفاق البحري بين القاهرة وأثينا”.

وذكر أن “أطروحات اليونان وقبرص الرومية المتطرفة المتعنتة، تحاول منح سيادة بحرية بـ 4 آلاف ضعف من المساحة الحقيقية لجزيرة كاستيلوريزو، اليونانية، (المتاخمة للسواحل التركية)، وذلك مقارنة بالبر الرئيسي التركي العريض قبالتها”. وذلك لاستغلال الكنز الاقتصادي، الكامن في ذلك الجزء، والخاص بحقول الغاز.

وفي 14 فبراير/شباط 2018، صعّد أردوغان من لهجته المحذرة لدول وشركات من التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية الواقعة قبالة سواحل قبرص، ناصحا هذه الشركات الأجنبية بألا تكون أداة في أعمال تتجاوز حدودها وقوتها من خلال ثقتها بالجانب اليوناني.

الرئيس التركي قال: “نحذر من يتجاوزون حدودهم في بحر إيجة (في إشارة إلى اليونان) وقبرص ويقومون بحسابات خاطئة مستغلين تركيزنا على التطورات عند حدودنا الجنوبية، إن حقوقنا في الدفاع عن الأمن القومي في عفرين هي نفسها في بحر إيجة وقبرص”.

ترسيم الحدود

الباحث المصري خالد فؤاد، المتخصص في العلاقات الدولية، وقضايا الشرق الأوسط، قال لـ “الاستقلال”: “نية إسرائيل جادة، في تنفيذ خط غاز (East Med)، مع اليونان، وقبرص، وهو ما يعني خسارة مصر لدورها المستقبلي كمنصة إقليمية لتصدير الغاز الطبيعي، وليس من مصلحة مصر أبدا إنشاء هذا الخط، وهذا يعني أن مصر على أقل تقدير، لا يجب عليها أن تقوم بتسهيل إنشاء الخط الذي سيقضي على أحلامها مستقبلا”.

وأكد فؤاد: أن “مصر رفضت توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في عهد مبارك، وكذلك الأجهزة الأمنية توصي بعدم توريط مصر في توقيع اتفاقية، تفقدها مساحات شاسعة من الحدود البحرية، خاصة وأن الخطة اليونانية قائمة على السيطرة الكاملة على تلك المساحة، وحرمان القاهرة، وأنقرة من أي حقوق اقتصادية”.

مضيفا: “حتى الخط المزمع تنفيذه، يمر من قبرص إلى اليونان مباشرة، ولا يدخل ضمن الحدود المصرية، وهو ما يحرمها من الحصول على رسوم المرور، بينما تركيا تعتمد سياستها على أن اليونان ليس لها أي حقوق اقتصادية في تلك المنطقة، وأن الحقوق مقسمة ما بينها وبين مصر، وليبيا، لذلك فمصلحة مصر في هذه النقطة تحديدا مع تركيا”.

وأردف الباحث: “النظام المصري لا يعتمد في سياسته لإدارة ملف شرق المتوسط، على رؤية تحقق الأمن القومي، أو المصالح الاقتصادية، بقدر ما يعتمد على توافقات مع حلفائه، وداعميه الدوليين والإقليميين خاصة إسرائيل وقبرص واليونان، وهو ما تكون محصلته عدم استقلالية القرار السياسي والتبعية التي تؤدي في النهاية إلى اتخاذ قرارات بعيدة عن المصلحة العليا للوطن”.

فؤاد أوضح: “باختصار شديد الإستراتيجية المصرية لإدارة ملف شرق المتوسط يجب أن ترتكز في المقام الأول على تحقيق المصلحة الوطنية بما يعني الحفاظ على الأمن القومي ثم تحقيق مكاسب اقتصادية، ولكن ما يحدث واقعا، أن مصالح مصر التي يسيرها نظام السيسي، تضيع على المديين القريب والبعيد، في سبيل استمراره في الحكم”.

يذكر أن تركيا كانت وما زالت من أشد الدول رفضا للانقلاب العسكري الذي نفذه السيسي (كان وزيرا للدفاع) على رئيسه المنتخب محمد مرسي (أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر) في 3 يوليو/ تموز 2013، ومن وقتها والقاهرة أصبحت حليفة قوية لأثينا ونيقوسيا نكاية في أنقرة.

تدريبات عسكرية

في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وتزامنا مع التدريبات العسكرية بين الدول الـ 3 في منطقة المتوسط، أصدرت مصر واليونان وقبرص بيانا مشتركا هاجموا فيه تركيا، واتهموها بشن “عدوان” في مياه المتوسط وسوريا.

وعقد وزراء دفاع تلك الدول اجتماعا ثلاثيا، وقعوا خلاله وثيقة مُشتركة، تُدين ما أسموه “العدوان التركي على المياه الاقتصادية القبرصية، وكذلك العملية العسكرية التركية في شمال سوريا”.

وقال وزير الدفاع اليوناني بانايوتو بولس، في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع: “قمنا بإدانة الإجراءات غير الشرعية لتركيا في المياه التابعة لقبرص، والتي تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي واتفاقية القانون البحري، وكذلك التصرفات الاستفزازية التركية المتمثلة بانتهاك المجال الجوي اليوناني ومياهنا الإقليمية. كل ذلك يتناقض مع القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار”.

وأضاف: “التحديات والتهديدات الأمنية الجديدة الناشئة في الإقليم، تتطلب تقييما عاما للخطر وتعاونا وثيقا بين الدول الثلاث لحماية وتعزيز مصالحهم المشتركة”.

من جانبه، اعتبر وزير الدفاع المصري، خلال المؤتمر الصحفي أنه “من الضروري الاستمرار في التعاون بين الدول الثلاث لمجابهة التحديات وتأمين المصالح المشتركة في مواجهة أنقرة”.

بينما أعرب وزير الدفاع القبرصي عن “امتنانه لوزيري الدفاع المصري واليوناني وبلديهما لموقفهما القوي والراسخ في دعم القضية القبرصية”.

وأعلن الوزراء الثلاثة اتفاقهم على “استمرار التدريبات العسكرية المشتركة بين دولهم، وتعميق التعاون الدفاعي في مجالات أخرى، مثل الأمن السيبراني وإدارة الأزمات”.

وفي 10 أكتوبر/ تشرين الثاني 2019، قالت وزارة الخارجية التركية: “لا قيمة للبيان الصادر عن الاجتماع الذي جرى مؤخرا بين مصر واليونان وإدارة جنوب قبرص الرومية، والذي وجه اتهامات لا أساس لها وملفقة ضد تركيا”.

وأشارت إلى أن البيان يعد آخر نموذج على قيام الثنائي اليوناني/الرومي بإشراك بلدان المنطقة (مصر) في سياساتهما القومية المتطرفة المناقضة للقانون الدولي”. وشددت أن “تركيا تبذل منذ البداية جهودا بنية حسنة في قضية قبرص، وتبدي إرادة قوية لحلها”.

خيبة أمل

وفي 2 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، تحدثت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن السياسية التركية الحالية، التي مكنت أنقرة من تحقيق مكانة عالية لها، ومساعيها لتشكيل تحالف إسلامي جديد، في ظل خيبة أمل إسرائيلية، مصرية وأوروبية.

وقالت: إن “هذا الجانب في الاتفاق ليس هو ما يزعج أوروبا، فترسيم الحدود الاقتصادية سيحبس قبرص وجزيرة كريت في مجال بحري، السيطرة الاقتصادية عليه توجد في يد تركيا، والتي سيكون مسموحا لها التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما وتوقف أنابيب النفط والغاز عبره إلى أوروبا”.

وأكدت أنه بشكل عملي، “كل أنبوب يمر من إسرائيل ومصر وقبرص إلى أوروبا يقتضي إجراء مفاوضات مع تركيا، كما أنه من المشكوك فيه أن يكون لأي دولة من الدول المجاورة أي حل قانوني لهذه الاتفاقيات”.

وفي مقاله بصحيفة “خبر ترك” قال الكاتب التركي محرم ساريكايا يوم 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري: “الاتفاق بين تركيا وليبيا، يمهد لتطبيق قانون البحار، والذي يحدد المنطقة التي تملك حقوقا خاصة من خلال خط مشترك بين دولتين تكون سواحلها متقابلة وقريبة من بعضها ليتم البحث عن جميع الموارد واستخدامها بما فيها طاقة المياه والرياح في البحار التي تقع بين البلدين”.

وأضاف: أن “الاتفاق التركي الليبي، خلق وضعا جديدا في شرق المتوسط”، مشيرا إلى أن “أنقرة لديها الكثير مما تكسبه من الاتفاق، إلى جانب أنه أطاح بكل الحسابات القائمة في المنطقة، وأعاد خلط الأوراق من جديد”.

 

ساريكايا أوضح: أن “تركيا حققت لمصر التي تشهد معها مشاكل بالعلاقات الدبلوماسية مكاسب من خلال اتفاقها مع ليبيا، حيث يمكن لمصر نقل خط اليونان وكريت، وكاسوت، ورودس وميس أي الخط الوسط إلى الشمال، بدلا من الجنوب والذي يسبب لها خسائر كبيرة”.

الإمارات في قلب القاهرة

وانضمّ قلب القاهرة لقائمة تنازلات “السيسي”، حيث كان للكفيل الخليجي نصيب من أراضي المصريين في قلب القاهرة، وتحديدًا جزيرة “الوراق” و”مثلث ماسبيرو” و”نزلة السمان“.

بدأت قصة توغُّل الكفيل بسيطرة الإمارات على “مثلث ماسبيرو“، وتفريغه من أهله البالغ عددهم ما يزيد عن ٢٠ ألف نسمة، ورغمًا عن القضاء والقانون، وذلك عقب إسناد تطوير المنطقة لشركة “إعمار” الإماراتية، والتي استولت على كامل المساحة البالغة ٤٧ فدانًا، تُطلّ على كورنيش النيل وتقع في أهم مناطق القاهرة.

وكانت وسائل إعلام تابعة لنظام “السيسي” قد كشفت أن رجل الأعمال الإماراتي “محمد العبار” رئيس مجلس إدارة شركة «إعمار»، وقَّع مع وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية “سحر نصر“، نهاية ٢٠١٧، اتفاقيات لزيادة استثماراته في مصر، ومن ضمنها إنشاء أبراج سكنية بـ “ماسبيرو”.

جزيرة “الوراق” لم تكن أفضل حالًا، حيث أصدر “السيسي” أيضًا قرار في ٢٠١٧ بنزع ملكية الجزيرة من أهلها لصالح تنفيذ مشروع استثمار مع الإمارات، وذلك عن طريق التنفيذ بالأمر المباشر للأراضي اللازمة للمشروع، دون العودة للقانون ولا لحقوق أهالي الجزيرة.

ونشرت الجريدة الرسمية، القرار الذي حمل رقم 49 لسنة 2018، ونصَّ في مادته الثانية على أن “يستولي بطريق التنفيذ المباشر على الأراضي اللازمة لتنفيذ المشروع المشار إليه، دون انتظار حصر الملاك الظاهرين لها، على أن تتولّى الهيئة المصرية العامة للمساحة حصرهم فيما بعد؛ تمهيدًا لتعويضهم”.

وتداول ناشطون إعلاميون رسومات هندسية تكشف مخططًا استثماريًا للجزيرة، تابع لمكتب هندسي إماراتي يدعى “آر إس بيه” يعود لعام ٢٠١٣.

“نزلة السمان” والاستثمارات الإماراتية

يضاف إلى “الوراق” و”ماسبيرو” أيضًا منطقة “نزلة السمان“، التي انضمت لسلسلة ما باعه “السيسي” لكفيله الخليجي، وتبرز أهميتها في قربها من أهرامات الجيزة، حيث لا يفصلها عنها سوى بضعة أمتار لا أكثر، ومقابر العمال، ومقابر الزوجات التابعين للملك وغيرها.

وشهدت المنطقة مع بداية العام الحالي محاولات طرد للأهالي وإزالة لعقاراتها والاعتداء على أهلها من قِبل قوات الأمن؛ لرفضهم محاولات طردهم، والذي ربطه مسؤولون بمحافظة الجيزة باستثمارات إماراتية قد تُضخّ في هذه المنطقة وتُحوّلها إلى مزارات سياحية عالمية.

يُعدّ التنازل عن جزيرتي “تيران” و”صنافير” الاستراتيجيتَيْن إحدى حلقات التنازل المستمر، ففي أبريل ٢٠١٦ وقَّع “السيسي” اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وقام بالمصادقة عليها في يونيو من نفس العامة، ونصَّت الاتفاقية على نقل السيادة على الجزيرتين للسعودية.

وكشف مقال للكاتبة والمحللة الأمريكية “إميلي كرين لين“، نشرته مجلة “فورين بوليسي” في ٢٠١٦، ثمن تنازل “السيسي” عن الجزيرتين، حيث ربطت بين التنازل عن الجزيرتين وبين زيارة الملك “سلمان بن عبد العزيز” والتي حملت استثمارات بمليارات الدولار من بينها مبلغ ضخم خُصّص للجيش.

وكانت وزيرة التعاون الدولي “سحر نصر” قد حدَّدت قيمة الاتفاقيات في الزيارة المشار إليها للملك “سلمان” بنحو ٢٥ مليار دولار، تولَّت القوات المسلحة تنفيذ أعمال منها بقيمة ١.٨٢ مليار دولار أي ما يعادل ١٦.١٤ مليار جنيه آنذاك.

شاهد أيضاً

حزب الله يستهدف مقرا للمدفعية شمالي فلسطين المحتلة بمسيرات انقضاضية

يواصل “حزب الله” اللبناني وإسرائيل، تبادل العمليات الهجومية التي تتضمن استخدامات محدودة للطائرات المسيرة والمدفعية …