مجلة أمريكية: الإمارات والسعودية تقودان حملات تضليل وضغوط من أجل فوز ترامب

تقول مجلة ناشونال إنترست: إن تدخل الدول الأجنبية في السياسة الأمريكية يعد قديماً قدم الأمة نفسها. ففي انتخابات عام 1796، أول سباق رئاسي تنافسي حقيقي في أمريكا، حاول الإنجليز والفرنسيون التدخل، حيث فضلت إنجلترا جون آدامز ورأت فرنسا أن توماس جيفرسون أكثر تعاطفاً مع المثل العليا للثورة الفرنسية. وبعد 224 عاماً، ظهرت نفس المخاوف؛ هناك علامات تنذر بالسوء على أن شركاء واشنطن العرب المقربين قد يتدخلون في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 لتعزيز فرصة الرئيس دونالد ترامب في الفوز بولاية ثانية.

وأضاف د. خالد الجابر، مدير مركز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في واشنطن العاصمة، بمقالة منشورة له بالمجلة، أن وسائل الإعلام الوطنية الأمريكية ركزت بشدة على التدخل الروسي والصيني والإيراني في السياسة الداخلية، لكنها أولت اهتماماً أقل بتدخل الحكومات العربية – “أصدقاء أمريكا” – في شؤونها الداخلية. كتب بن فريمان، مدير مبادرة شفافية التأثير الأجنبي التابعة لمركز السياسة الدولية: “إن أعداء أمريكا ينخرطون في هجوم شامل على الديمقراطية الأمريكية. ومع ذلك، لا يزال من الواضح تماماً أن أصدقاء أمريكا يؤثرون أيضاً على الديمقراطية الأمريكية بطرق تتعارض مع المصالح الأمريكية”.

تدخل دول الخليج

ويشير الكاتب إلى أن إلقاء نظرة على التغييرات التي طرأت على السياسة الخارجية الأمريكية بعد دخول ترامب إلى المكتب البيضاوي في يناير/ كانون الثاني 2017 يساعد في تفسير سبب قلق عدد من الحكومات العربية – وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر – من احتمال خسارة ترامب هذا العام أمام نائب الرئيس السابق جو بايدن.

وكما ذكرت صحيفة Financial Times مؤخراً، “بعد استمتاع العرب بما يعتبره النقاد تساهلاً وتغاضياً من قبل ترامب عن انتهاكات حقوق الإنسان، تخاطر الدول العربية بمواجهة تدقيق أكبر بكثير بشأن حقوق الإنسان وتدخلاتها الخارجية، مع إصغاء أقل تعاطفاً لمواقف الدول العربية المتشددة تجاه إيران في حالة انتخاب بايدن”.

بن سلمان يقود حملات تضليل

لمنع ذلك، بذلت المملكة العربية السعودية جهوداً واضحة لنشر المعلومات المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020، ذكرت صحيفة Washington Post أن الحكومة السعودية روجت لشائعات كاذبة مفادها أن مايك بومبيو كشف النقاب عن آلاف رسائل البريد الإلكتروني السرية لهيلاري كلينتون، وأن هذه الرسائل الإلكترونية أظهرت أن إدارة أوباما خططت سراً لاستبدال محمد بن سلمان بابن عمه المعزول محمد بن نايف.

وصف ديفيد إغناتيوس، كاتب العمود في صحيفة Washington Post، الغرض من هذا الخداع بأنه ذو شقين: فقد أعطى محمد بن سلمان ذريعة لمقاضاة محمد بن نايف بتهمة الخيانة من ناحية، ومن ناحية أخرى إذا فاز بايدن في نوفمبر/تشرين الأول 2020، فسوف يمنح الحكومة السعودية غطاءً سياسياً لمواجهة أمريكا في قضايا أخرى دون أن تخسر الدعم المحلي.

الإمارات والسعودية تضغطان على واشنطن

ولا يقتصر هذا التأثير على المملكة العربية السعودية. ففي الولايات المتحدة، أزال تويتر شبكات تعمل على التضليل يديرها السعوديون في عامي 2019 و2020، كما أزال تويتر وفيسبوك شبكات التضليل التي تديرها الإمارات. علاوة على ذلك، طوال فترة رئاسة ترامب، استثمرت كل من الرياض وأبوظبي أكثر من 100 مليون دولار في الضغط في واشنطن. تركز جزء كبير من هذا الضغط على ضمان استمرار واشنطن في دعم التحالف الذي تقوده السعودية في حربها المستمرة منذ خمس سنوات في اليمن، مما يحمي الحكومة السعودية.

وذكرت صحيفة ديلي بيست في ديسمبر 2018: “لقد تم استجواب العديد من الشهود المرتبطين بحملة ترامب حول محادثاتهم مع شخصيات مؤثرة من الإمارات والسعودية وإسرائيل، وفقاً لأشخاص مطلعين على التحقيق، استخدام التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة في تثبيت ترامب في البيت الأبيض إلى الإطاحة بالنظام في إيران”. في وقت سابق من ذلك العام، نشرت قناة NBC تحقيقاً يشرح الأمر أن “محققي مكافحة التجسس كانوا يدققون في نفوذ الإمارات في حملة ترامب منذ ما قبل تعيين مولر مستشاراً خاصاً، واستمر التحقيق بالتنسيق مع فريق مولر، وفقاً لما ذكره شخصان مطلعان على التحقيق.

ومع ذلك، فإن التدخل الانتخابي من الدول الخليجية طغى إلى حد كبير على التدخل من دول أخرى، لا سيما تلك التي ليس لها علاقات ودية خليجية مع الولايات المتحدة. ففي أغسطس/آب 2020، أكد الرئيس ترامب ومسؤولون استخباراتيون أمريكيون آخرون أن إيران والصين تحاولان أيضاً التأثير على الانتخابات الأمريكية، وإن كان ذلك لمنع ولاية ترامب من الحصول على ولاية ثانية بدلاً من مساعدته في ذلك.

على الرغم من أن تحقيق مولر لم يثبت أبداً وجود تواطؤ بين روسيا وحملة ترامب، واصل مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقه في محاولات أخرى للتأثير على انتخابات 2020. ووفقاً للدكتور أندرياس كريج، الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الدفاعية في كلية كينجز كوليدج لندن، فإن الإمارات “تظهر بشكل بارز مثل روسيا” في هذه التحقيقات.

موقف بايدن من السعودية

ما هو واضح أن بايدن وعدداً متزايداً من الشخصيات داخل الحزب الديمقراطي تحركوا في اتجاه مناهض للسعودية بشكل متزايد. فقد استخدم نائب الرئيس السابق جون بايدن لغة قوية للتنديد بالقيادة في الرياض، حتى إنه أشار إلى المملكة الغنية بالنفط على أنها دولة “منبوذة”. إن المواقف التي اتخذها بايدن بشأن مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية، ودعوته لإعادة واشنطن إلى الاتفاق النووي مع إيران، مقلقة للغاية للقادة في الرياض وأبوظبي، الذين يخشون تداعيات فوز بايدن في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

مع اقتراب موعد الانتخابات، أظهرت استطلاعات الرأي تقدم بايدن باستمرار، مما أعطى ترامب (وبالتالي أصدقاءه في الرياض وأبوظبي) سبباً وجيهاً للتوتر. بين الآن ويوم الانتخابات، لا يمكن استبعاد احتمال مساعدة السعوديين والإماراتيين لترامب في الفوز بولاية ثانية من خلال التدخل في الانتخابات.

ومع ذلك، من المرجح أن يفعل الإيرانيون والصينيون الشيء نفسه لصالح بايدن، لأن سياسات نائب الرئيس السابق ستكون أقرب إلى مصالحهم مما كانت عليه سياسات ترامب. قد لا يمثل تدخل القوى الأجنبية في انتخابات عام 2016 شيئاً مذكوراً مقارنة بما قد يتعرض له الأمريكيون في الأسابيع المقبلة.

الهجمات الإلكترونية

في جميع أنحاء الولايات المتحدة، يجب أن يكون هناك قلق أكبر بشأن الهجمات الإلكترونية وبرامج الفدية التي يمكن أن تستهدف البنية التحتية اللازمة لإجراء انتخابات هذا العام. إن إحدى الخطوات التي يمكن لواشنطن اتخاذها بشكل استباقي هي إبلاغ جميع الحكومات الأجنبية، بما في ذلك الحكومات “الصديقة” ظاهرياً، بأن أي تدخل انتخابي يجري اكتشافه قد يؤدي إلى عواقب دبلوماسية وخيمة.

بينما تحاول إدارة ترامب طمأنة الرأي العام الأمريكي بأنها ملتزمة بأخذ تهديد التدخل الروسي والصيني والإيراني في الانتخابات على محمل الجد، هناك قلة اهتمام غير مستغرب باحتمال قيام المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة بمحاولة نفس الشيء.

يجب على الشعب الأمريكي أن يطالب بألا يكون لأي دولة أجنبية، بغض النظر عن علاقتها بواشنطن أو موقعها الجغرافي السياسي في الساحة الدولية، أي تأثير في الانتخابات الأمريكية هذا العام. لسوء الحظ بالنسبة لترامب، فإن هذا يعني إجراء مناقشة صريحة حول التدخل المحتمل من شركاء واشنطن المقربين في شبه الجزيرة العربية، الذين، نظراً لمواقف ترامب وبايدن المختلفة تماماً، لديهم مصلحة واضحة في ضمان أن تكون السنوات الأربع القادمة لسياسة أمريكا في الشرق الأوسط مشابهة إلى حد كبير للسنوات الأربعة الماضية.

شاهد أيضاً

تركيا تنفي مزاعم تصدير السلاح إلى إسرائيل “تضليل للرأي العام”

نفت وزارة التجارة التركية، الأربعاء 27 مارس 2024، بشكل قاطع، ما تناقلته وسائل إعلام مؤخراً، …