مسلمو جنوب افريقيا .. تنوع عرقي يواجه كورونا بالتكافل الرمضاني

الكرم والتكافل الذي ينعم به مليوني مسلم في جنوب افريقيا يشكلون 2% من حجم السكان البالغ 60 مليونا، كان سببا في وضعهم داخل دائرة الضوء، بعد تصاعد تلك السمات مع الأزمة الاقتصادية الشديدة مع الإغلاق الذي تمر به البلاد، بظل اجتماع جائحة كورونا وشهر رمضان الكريم، حيث البلد الأفريقي الأكثر تأثرا بتفشي الوباء.
ولكن ما زال الجيران المسلمون يساعدون بعضهم البعض، وتساعد المجتمعات التي لديها موارد أكثر، المناطق التي يوجد فيها نقص في الموارد والأفراد.
وأثرى التنوع العرقي هذا التكافل بالتطوع والعطاء على مدار أجيال من إندونيسيا وماليزيا وتايلاند وسنغافورة، فضلا عن الهند والبريطانيين المسلمين.
من أبرز منافذ الخير الرمضاني في جنوب إفريقيا؛ 700 مسجد و400 معهد تعليمي للدراسات الإسلامية، إضافة إلى كليات العلوم الإسلامية، والتي يبرز دورها خلال الشهر الكريم في تقديم المعونات المادية عدا عن نشر تعاليم الدين الإسلامي للمسلمين ولغير المسلمين حتى أن موائد رمضان تستقبل أيضا غير المسلمين.

مسلمة أصول هندية
التقت “عربي بوست” مسلمين من الجنوب ومنهم “ذاكره” التي رأت أنه خلال رمضان يجب أن تدفعنا إلى مراجعة كيف نعيش حياتنا وكيف يمكن تغيير ذلك للأفضل، وكيف يمكننا من خلال الجهد الجماعي والفردي أن نعتني بالجيران، المحتاجين، ومن لا مأوى ولا عائل لهم، لاسيما خلال هذه الفترة التي تمر بها البشرية”.
وأضافت، “يمكننا تعبئته للتعامل ليس فقط مع المشاكل الحالية نتيجة لفيروس كورونا، ولكن أيضاً للتفاوتات العميقة في ماضينا”، ملمحة إلى الأصول المجتمعية للمسلمين فهي من أصول هندية تبدأ الإفطار عادة بالتمر والماء والمقبلات، السمبوسة والفطائر، ثم صلاة المغرب، قبل تناول وجبة الإفطار الكبرى.
حيث اعتادت ذاكره تقديم “حليم” على المائدة؛ وهو حساء هندي تقليدي، يتم إعداده وتوزيعه على الفقراء مع طرود الطعام، مضيفة أنه في رمضان هذا العام، بسبب الإغلاق، لا يبدو أن هناك العديد من نقاط توزيع الحليم بسبب منع التجمعات، بحسب التقرير.

إعلام اسلامي
وتبث المحطات الإذاعية الإسلامية الخاصة صلاة التراويح تقريباً في كل محافظة ذات كثافة سكانية مسلمة، متوزعة في ثلاث محافظات رئيسية هي جوهانسبرغ، كيب تاون وديربان، إسهاما في نشر رسالة رمضان.
ونقلت “عربي بوست” عن مهتمين بالإعلام الإسلامي طقوسهم الرمضانية ومنهم؛ “بونتي موليتسان” – صحفي مسلم من أصول إفريقية –  في حديث مع “عربي بوست”  أنهم في عائلته يفطرون على الأطعمة الأساسية لديهم كالعصيدة وهي طعام يتم تناوله عادة كطبق حبوب الإفطار، مصنوع من نباتات النشا المطحونة في الماء أو الحليب، إضافة إلى الدجاج والخبز محلي الصنع.
ولفتت 
“رابينا خان” -كاتبة بريطانية تقيم في جنوب إفريقيا، أن قيم الشهر الكريم ستكون أكثر وضوحاً، “حيث سيختبر نقص الغذاء قدرتنا على الصمود أكثر من أي وقت مضى وسيجعلنا أكثر وعياً بمن هم أقل حظاً منا، وبالتحديد الضعفاء والمحتاجين والجائعين”.
وأوضحت خان أنه بالرغم من أن العزلة الاجتماعية تمنعهم من الاحتفال في مجموعات كبيرة، إلا أنه لا يزال بإمكانهم توسيع نطاق المعونات للأشخاص الذين يقيمون في العزل الصحي والمحتاجين عن طريق ترك سلال من الطعام، والمواد غير القابلة للتلف، على أبوابهم مع الاحتفاظ بالمسافة الآمنة المقررة لمنع انتشار الفيروس.
“الكيب مالي”
وجلب الاستعمار الهولندي الكثير من أهالي إندونيسيا كعبيد، في القرنين السادس عشر والسابع عشر لجنوب افريقيا، وخلال فترة نظام الفصل العنصري كان الجزء الذي يعيش فيه المسلمون من الكيب تاون العاصمة، معروفاً باسم “كيب مالي”، للدلالة على العرق الأصلي الذي يحذر منه أهل المنطقة، والمنتشر حالياً فيما يعدّ في جنوب إفريقيا بحسب الإحصاءات أكثر من 300 ألف نسمة.

ونقل التقرير عن 
“عدلي بيك” – أصول الكيب مالي- أن رمضان هذا العام ولأول مرة في تاريخ مدينة كيب تاون، يتيم من الأطفال الذين يلعبون في الشارع ويطلبون كعك رمضان من الجيران كما هي العادة والتقاليد في المدينة.

خصوصية العاصمة
وفي العاصمة “كيب تاون” ولعدة سنوات تنفذ موائد إفطار جماعية للمسلمين ولغير المسلمين في كل رمضان، حيث تحضر كل عائلة وجبات طعام الإفطار الخاصة بها وتشاركها مع الناس والمحتاجين في مائدة كبيرة تشكل صورة مميزة لمسلمي جنوب إفريقيا.

وتشهد المساجد في الشهر الكريم إقبالاً من أعداد كبيرة من المسلمين وتضاء معظمها بالكامل من الخارج بالأضواء الخضراء احتفالاً بالشهر الكريم مثل مسجد “نزاميا”،
وتبدأ المنظمات الإسلامية بجنوب إفريقيا عملها الخيري قبل رمضان في سبيل رفع قدراتها التمويلية، ليساعدوا بها فقراء المسلمين.

أغلبهم مالاويون
ويهيمن على الأقلية المسلمة في جنوب إفريقيا في تركيبتها، المسلمون من الأصول الإندونيسية المالاوية، والهنود حيث يمثلون 96% من إجمالي المسلمين هناك.

ولا تزيد نسـبة المسـلمين من أصحاب البشرة السمراء على 10% من إجمالي عدد المسلمين في البلاد، رغم أنهم يمثلون 87%، وهو أمر ساهمت فيه سياسات التفرقة العنصرية التي كانت سائدة حتى عام 1994م، ويتركز العرق الإندونيسي الماليزي المسلم في منطقة “الكيب” بجنوب إفريقيا، أما العرق الهندي فيتركز في إقليم “الناتاتل”.

شاهد أيضاً

منظمات تحذر من وضع المسلمين على القوائم السوداء في أوروبا بتواطؤ الإمارات

حثت منظمات مجتمع مدني إسلامية وناشطون حقوقيون الحكومات الأوروبية على اتخاذ إجراءات ضد الإسلاموفوبيا المتصاعدة …