ممدوح الولي يكتب : أكبر مستثمر عربي منذ حكم السيسي، تمتلك 5 بنوك وعديد المستشفيات.. تفاصيل الاستثمارات الإماراتية بمصر

لم تكن صفقة استحواذ أحد صناديق أبوظبي السيادية على حصص مؤثرة في خمس شركات مصرية مؤخراً بقيمة 1.8 مليار دولار، سوى استمرار للنهج الإماراتي بالاستثمار في مصر، الذي ارتفعت وتيرته منذ تولي الجيش السلطة في يوليو/تموز 2013، حيث بلغت قيمة الاستثمارات الإماراتية المباشرة الداخلة لمصر، خلال السنوات المالية الثمانية الماضية 9.2 مليار دولار، بمتوسط سنوي 1.15 مليار دولار. 

ومنذ وصول الجيش للسلطة وصعود عبدالفتاح السيسي لسدة الحكم، تحتل الإمارات المركز الرابع بين دول العالم التي قدمت استثمارات مباشرة لمصر، يسبقها غالباً إنجلترا وإيطاليا والولايات المتحدة وبلجيكا، وهكذا فقد تصدرت الإمارات قائمة أكبر المستثمرين عربية بمصر. 

ولم يقتصر الأمر على الاستثمارات المباشرة، بل امتدت إلى استثمارات الحافظة غير المباشرة، حيث كانت من المشترين لأدوات الدين الحكومي المصري والأسهم من خلال البورصة المصرية، بقيمة بلغت 1.3 مليار دولار بالعام المالى 2019/2020، مقابل 872 مليون دولار بالعام المالى الأسبق، وذلك بخلاف مشتريات الشركات الإماراتية العاملة بمصر من أدوات الدين الحكومي.

 على سبيل المثال، بلغت مشتريات شركة “إعمار” العقارية بالعام الماضي من أذون الخزانة أكثر من 8 مليارات جنيه مصري، وبلغ رصيد بنك “الإمارات الوطني دبي – مصر” 12.6 مليار جنيه من أذون الخزانة بالعام الماضي، وبلغ رصيد بنك “أبوظبي التجاري” 10.8 مليار جنيه من أذون خزانة بالعام الماضي، إلى جانب مشتريات صناديق الاستثمار التى أنشأتها البنوك الإماراتية العاملة بمصر، من أذون وسندات الخزانة الحكومية والسندات الخاصة والأسهم. 

فرص الربح العالية هدف رئيسي 

وتتعدد المجالات التى تعمل بها الاستثمارات الإماراتية بمصر لدرجة صعوبة حصرها رغم متابعتي الجيدة للشأن الاقتصادي بمصر، خاصة وأن “هيئة الاستثمار”، الجهة الحكومية المسؤولة عن الاستثمار بمصر، لا تنشر بيانات عن استثمارات الدول بمصر، كما لا تتيح هيئة الرقابة المالية وشركة مصر للمقاصة بيانات المساهمين بالشركات الموجودة لديهما.

امتدت الاستثمارات الإماراتية إلى مجالات المصارف والطاقة والعقار والاتصالات وإدارة الموانئ والتطوير الصناعي، والسياحة والصناعة والأدوية والمستشفيات ومعامل التحاليل الطبية والزراعة، والتعليم والتأمين والتأجير التمويلي والتمويل العقاري والشركات المالية وشركات الوساطة المالية.

مع استمرار ترسيخ التواجد الإماراتي بتلك المجالات والدخول بمجالات جديدة مثل المقاولات وإنشاء محطات تحلية المياه، والدفع الإلكتروني والمناطق الاستثمارية وغيرها مع امتداد التعاون مع شركات مصرية مثلما حدث مع مجموعة “صبور” ومع رجل الأعمال نجيب ساويرس بالنشاط العقاري، والتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي ووزارة البيئة وغيرها من الجهات الحكومية. 

السيسي ومحمد بن زايد في شرم الشيخ، يناير 2020/ الخارجية الإماراتية
السيسي ومحمد بن زايد في شرم الشيخ، يناير 2020/ الخارجية الإماراتية

ويأتي عامل الربح المرتفع كأبرز العوامل لتواجد تلك الاستثمارات، فبنك “أبوظبي الإسلامي” قد حقق عائداً على حقوق الملكية بالعام الماضي بنسبة 21%، من خلال أرباحه البالغة 1.47 مليار جنيه بالمقارنة لحقوق ملكيته البالغة 6.88 مليار جنيه، وشركة “إعمار مصر” العقارية قد حققت عائداً على حقوق الملكية بالعام الماضى بنسبة 18% من خلال الأرباح البالغة 4.1 مليار جنيه بالمقارنة لحقوق الملكية البالغة 22.3 مليار جنيه.

 كما حققت شركة “اتصالات مصر” أرباحاً بلغت 9 مليارات جنيه بالعام الماضي قبل الضرائب، وبالعام الماضي أيضاً حقق بنك “الإمارات الوطني دبي- مصر” أرباحاً بقيمة 545 مليون جنيه، كما حقق بنك “أبوظبي التجاري” أرباحاً بقيمة 491 مليون جنيه، في حين لا ينشر مصرفا “الخليج الأول” بمصر و”المشرق” بمصر قوائم أدائهما المالي. 

 5 بنوك إماراتية والاستحواذ على السادس 

ولهذا تتخارج بعض الاستثمارات كما حدث مع إحدى شركات النفط، وتأجيل بنك الخليج الأول استحواذه على شركة هيرميس لحين استقرار الأوضاع الاقتصادية المضطربة حالياً، وتحين الصندوق السيادى بأبوظبي فرصة تراجع أسعار الأسهم بالبورصة المصرية، لشراء حصص بخمس شركات مقيدة بها، إلى جانب حاجة الجهات البائعة الشديدة للنقد الأجنبي.

بالإضافة إلى الاستفادة من المساندة السياسية للاستثمارات الإماراتية، بعد مساندتها لتولي الجيش السلطة منتصف عام 2013 بالمنح والقروض ذات الشروط الميسرة، وتأجيل سداد أقساط تلك القروض أكثر من مرة، ولهذا سمحت السلطات المصرية ببيع نسبة 30% من شركة الإسكندرية للحاويات للمرة الأولى لبيع حصة من شركات الحاويات ذات الأرباح العالية، وبيع حصة بشركة الشرقية للدخان المحتكرة لنشاط إنتاج السجائر كان لشركة إماراتية.

وكذلك السماح لبنك “الخليج الأول” بالاستحواذ على بنك عودة مؤخراً، رغم امتلاك الإمارات لخمس بنوك بمصر، وهو عدد لم يتكرر مع أية دولة أخرى، ثم السماح بإستحوازها على نسبة 18% من أسهم “البنك التجاري الدولي” أكبر البنوك الخاصة بمصر والذي بلغت أرباحه بالعام الماضي 13.3 مليار جنيه. 

وكذلك التغاضي عن تعدد الاستحواذات الإماراتية على العديد من المستشفيات المصرية، ومنها “السلام الدولي” بمنطقة المعادي، “والسلام الدولي” بمنطقة القطامية، و”كليوباترا” و”النيل بدراوي” و”القاهرة التخصصي” و”الشروق” و”الكاتب” و”مركز الإسكندرية للخدمات الطبية”، بخلاف سلاسل معامل التحاليل مثل “البرج المختبر” و”يوني لاب”، ومنح مجموعة ماجد الفطيم موافقة بإقامة منطقة استثمارية مؤخراً. 

كثير من الشركات الإماراتية العاملة بمصر لا تنشر بياناتها المالية، مثلما يحدث من قبل شركة “اتصالات”، حيث نحصل على بياناتها من خلال الشركة الأم، وكذلك شركة “موانئ دبي” وشركة مواصلات مصر للنقل الجماعي، وكارفور رغم تخطى عدد الفروع 45 فرعاً.

كما يتردد أن وزير الزراعة الذي تم الزج به إلى السجن قبل فترة، كان قد رفض منح شركة إماراتية أراضي بمساحات كبيرة، كذلك تعدد شركات الطاقة العاملة بمصر ومنها “دانا غاز” و”مبادلة” التي اشترت 10% من حقل “ظُهر” أكبر الحقول المصرية المنتجة للغاز الطبيعي، وشركة “دارجون أويل” وشركة “بترول أبوظبي”، “الوطنية”، “أدنوك”، و”النويس”، بخلاف نشاط تموين السيارات والطائرات بالوقود مثل شركة الإمارات مصر للمنتجات البترولية.

الاعتراض على الاستثمارات القطرية بمصر 

ولم تكن خبرة المصريين مع الشركات الإماراتية جيدة على طول الخط، فشركة “أرابتك” العقارية التي جاء بها الجنرال المصري، خلال توليه وزارة الدفاع وتمهيده لتولي الرئاسة، والتي وعدت بإنشاء مليون وحدة سكنية لم تحقق شيئاً منها.

 كما أن خبراء النقل البحري عادةً ما يتهمون شركة “موانئ دبي” التي تدير ميناء “السخنة” منذ عام 2008، بأنها لم تحقق ما تم الاتفاق عليه بتطوير الميناء وفق قدرات محددة للحاويات التي يتم استقبالها، قائلين إن ذلك تم حتى لا ينافس ميناء “السخنة” ميناء “جبل علي” بدبي، وكان وزير النقل إبراهيم الدميري قد وجّه إليها إنذاراً لهذا السبب عام 2014 لعدم الالتزام بتطوير الأرصفة، لكنها حصلت مؤخراً على إضافة أراضي إلى الحوض الأول بميناء “السخنة” بمساحة 640 ألف متر مربع في أكتوبر الماضي، لاستخدامها كساحة مكشوفة لمزاولة نشاط استقبال وتداول الحاويات.

كذلك تعثر مشروعات صندوق أبراج “كابيتال” الإماراتي بعد انهياره عام 2018، كما أن الشركات العقارية الإماراتية عادةً ما تركز مشروعاتها للصفوة، مشروعات شركة “إعمار” بمنطقة المقطم بالقاهرة وبالساحل الشمالي، ولا تقوم بالبناء لمتوسطي الدخل، بل وقيام عدد من الشركات العقارية الإماراتية بتسويق مشروعاتها المقامة بدبي إلى المصريين من خلال المعارض الدورية التي تقيمها لهذا الغرض بمصر. 

وكثير من الشركات الإماراتية العاملة بمصر لا تنشر بياناتها المالية، مثلما يحدث من قبل شركة “اتصالات”، حيث نحصل على بياناتها من خلال الشركة الأم، وكذلك شركة “موانئ دبي” وشركة مواصلات مصر للنقل الجماعي، وكارفور رغم تخطى عدد الفروع 45 فرعاً.

وذكر لى أحد معاوني الدكتور محمد مرسي أنه عندما صعّدت الإمارات هجومها على الرئيس مرسي خلال فترة توليه الرئاسة، سأل أحد المسؤولين الإماراتيين عن سبب تلك الحملة خاصة وأنه لم يصدر من جانب الدكتور مرسي ما يسيء إليهم، فقال له إن السبب هو أنكم سمحتم لقطر بالاستثمار بمصر، ورد المسؤول المصري ولكن ذلك كان يتم أيضاً بفترة تولي المجلس العسكرى السلطة، فرد المسؤول الإماراتي بأن الجيش كان قد استأذنهم في ذلك! 

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب :هذا الحراك الجماهيري الشرير

يُطلق الاحتلال على كلِّ من يقاوم أو يدعم المقاومة لقب “المخرّب”، وبالتالي يعطي لنفسه الحقّ …