ممدوح الولي يكتب: لماذا لا يعرف المصريون اسم رئيس الوزراء الحالي؟

كم من المصريين لا يعرفون اسم رئيس الوزراء الحالي؟ كثيرون، لماذا؟.. لأن تجربتهم الحياتية منذ استيلاء الجيش على السلطة عام 1952، أن الجيش كما قال اللواء محمد نجيب في مذكراته “زي الفريك ما ياحبش شريك”!

وهكذا؛ إما أن يكون رئيس البلاد هو رئيس الحكومة، أو يختار للمنصب شخصية مضمونة الولاء، لا تستطيع صنع كاريزما خاصة بها تنافس الحاكم، فهو وحده الملهم والزعيم وكل من حوله أنفار، أيًا كان مسماهم الوظيفي، رغم أنه قد يكون محدود الكفاءة.

تلك هي الحقيقة المرة التي يدركها رجل الشارع جيدا.. ولذلك لا يكترث بما يسمعه عن التغييرات الوزارية، منذ سنوات طويلة. ونلف وندور دون مواجهة الحاكم بالحقيقة، بسبب الهامش الديموقراطي المحدود الذي نعيشه منذ الخمسينات وحتى الآن.

وما ينطبق على رئيس الوزراء الحالي، يشبه اختيار الدكتور أحمد نظيف، مع كامل احترامي لشخصه بحكم المعرفة الشخصية القديمة، خلال عمله بمركز معلومات مجلس الوزراء، لكننا كنا نعرف أن مبارك كان قد اختار أعضاء الوزارات السيادية بوزارته، واختار جمال مبارك وزراء المجموعة الاقتصادية، واختارت حرم الرئيس المجموعة الاجتماعية، ليتبقى لرئيس الوزراء حرية اختيار وزير أو اثنين! مثلما يدرك كثيرون حاليا أن اختيار الوزراء تأتي من الرئاسة، وربما اختار رئيس الوزراء وزير القوى العاملة الذي كان بنقابة العاملين بالبترول، بحكم عمله بقطاع البترول.

وحتى لا نشخصن الأمور فلا أحد، وأنا منهم، نعرف الأسباب الحقيقية لاختيار الدكتور حازم الببلاوي رئيسا للوزراء، أو المهندس إبراهيم محلب، أو لماذا تم الاستغناء عنهما، وقل مثل ذلك على المهندس شريف إسماعيل.

ولقد قال الاستشاري ممدوح حمزه مبررا رفضه تقلد منصب وزاري تم عرضه عليه، بأنه يرفض تولي مقعد تتم إدارته من خارج الوزارة، ومن هنا يمكن أن نتفهم لماذا لم يتكلم رئيس الوزراء عن خفض الجنيه بنسبة 14 % مؤخرا، رغم أنه رئيس اللجنة التنسيقية المعني بها وضع معالم السياسة النقدية!، ولم يتكلم عن ملف الحريات والمحبوسين رغم أنه رئيس وزراء مصر!

وإذا كان هذا شأن رؤساء الوزارات فما بالنا بالوزراء، وهنا يصبح السؤال.. لماذا تم الاستغناء عن الوزير الفلاني بلا معنى في ظل أوضاعنا المتفردة في غرابتها.

هل يعلم أحد لماذا تم الاستغناء عن وزير النقل؟ خاصة وأن رئيس الوزراء برر بقاء وزيري التعليم والصحة بوجود خطة طويلة الأجل لدى كل منهما، فهل لم يكن لدى وزير النقل خطة طويلة الأجل حيث يكاد يكون من القلائل الذين تحدثوا عن استراتيجية للوزارة؟

ومن هنا لن يجد أحد مبررا لبقاء وزير الأوقاف، رغم ما نُشر بالصحف الحكومية نفسها عن تشطيب شقته بثلاثة أرباع المليون جنيه على حساب الدولة، أو وزير التخطيط بعد رفض مشروعه لقانون الخدمة المدنية، ولن يجيب أحد على سؤال كيف تختارون وزيرا للنقل أزال مترو مصر الجديدة ومدينة نصر؟!

وزير المالية والطلبات السيادية

ولا يستطيع أحد أن يقلل من جهد وزير المالية، ولكن كيف تطلبون منه خفض العجز بالموازنة، وأنتم تطلبون منه صرف أجور شهرية للعاملين باتحاد الإذاعة والتلفزيون، وبشركات الغزل والنسيج التابعة لقطاع الأعمال العام، ولمعظم العاملين بالمؤسسات الصحفية القومية، وغير ذلك من المطالب الفئوية؟ وهل كان يستطيع رفض توجيه له بتدبير اعتمادات لشراء طلمبات لمشروع استصلاح 1.5 مليون فدان، وهل كان يستطيع أن يطلب دراسة الجدوى للمشروع قبل صرف النفقات المطلوبة؟ وقل مثل ذلك لمشروعات أخرى تم البدء فيها بدون دراسات جدوى لمجرد أن الحاكم يرى ذلك.

الصناعات الصغيرة كانت أجدى

هل تسبب وزير السياحة السابق في حادث الطائرة الروسية؟ أو في مقتل السياح المكسيكيين بالطائرات بالواحات؟ وهل وزارة للمشروعات الصغيرة كانت أجدى, أم إعادة وزارة قطاع الأعمال العام؟ وهل كان الأفضل جلب وزير لها من القطاع الإنتاجي لشركات قطاع الأعمال العام، أم صاحب خبرة محاسبية فقط ومحاضر بالجامعة، أم أنه لم يقبل غيره هذا المنصب؟

وما الهدف الحقيقي من عودة الوزارة؟ هل هو فعلا تدبير تمويل غير مصرفي، بعد تعذر اقتراضها من البنوك بسبب تعثر أوضاعها؟

هل توجد رؤية للوزارة بعد تعديلها؟ أم كما رأينا مطلوب من الوزراء: التجرد والتفاني ومكافحة الفساد؟

تلك هي الصورة لما يتم من تغييرات، ولذلك لا يتوقع رجل الشارع من الوزارة المعدلة سوى تسيير الوزراء الجدد والقدامى للأعمال اليومية والمعتادة للوزارات، حتى يجىء دورهم في التغيير.. فالبيئة الإدارية البيروقراطية التي يعمل في ظلها الوزراء تدعوهم للمزيد من التريث في اتخاذ القرارات، خشية المساءلة حتى بعد الخروج من الوزارة، في ظل أوضاع سياسية غير مستقرة، ولا أحد يعرف هوية القادم وكيف سيتعامل معهم.

لهذا أصبح كثيرون يعتقدون أن التغيير بالوزارات والمحافظات يتم كل عدة أشهر لشغل الناس، وكسب الوقت للحاكم، بعد إخفاقه في العديد من الملفات والوعود، ومحاولة اصطناع بادرة أمل مؤقت جديد.

والنتيجة أنه لن يهتم الجمهور بالتعديل الوزاري، إلا عندما يجد تغييرا إيجابيا في حياته المعيشية، لكنه حين يسمع عن قرارات مؤلمة قادمة، فكيف تطلب منه أن يرحب بهؤلاء؟

ولهذا يظل ترقب الرأي العام للتغيير الحقيقي على الساحة، والذي يتخطى مسألة استبدال رئيس وزراء، أو مجموعة وزراء بكبار موظفين آخرين، فالوزارة ليست المشكلة، ولكن المشكلة الرئيسية معروفة للجميع، والغالبية في انتظار الفرج من الله.

شاهد أيضاً

وائل قنديل يكتب : عبّاس وغانتس: إجماع فاسد أم انقسام حميد؟

لا ينتعش محمود عبّاس، وتدبّ فيه الحياة والقدرة على استئناف نشاطه في “مقاومة المقاومة” إلا …