ناشونال إنترست: استعدوا لحرب على نهر النيل.. و”النهضة” سيغير قواعد اللعبة بإفريقيا

توقع خبير اقتصادي دولي نشوب حرب على مياه نهر النيل بين إثيوبيا ومصر والسودان، بسبب التداعيات المحتملة التي قد تنجم عن ملء وتشغيل سد النهضة الذي بدأت أديس أبابا في بنائه عام 2011 وتقترب الآن من إكماله.

وقال سكوت ماكدونالد كبير الاقتصاديين بمركز سميث للبحوث وتصنيفات الائتمان المالي، في مقال بمجلة ناشونال إنترست الأمريكية أن اكتمال بناء السد سيمنح إثيوبيا نفوذا كبيرا على دول المصب وقد يعزز من قدرتها في التأثير في عموم القارة الأفريقية.

وتطرق الكاتب في مقاله إلى الآثار المترتبة على كل دولة من الدول الثلاث من بناء السد، مستعرضا الجوانب الإيجابية التي سيضفيها على إثيوبيا في مقابل تداعياته السلبية على كل من مصر والسودان.

استعدوا لحرب على نهر النيل

وقال في مقاله الذي اختار له عنوان: “استعدوا لحرب على نهر النيل” إن سد النهضة سيغير قواعد اللعبة في إفريقيا، وستكون له على الأرجح تبعات على المشهد الجيوسياسي والاقتصادي في المنطقة.

 وتكمن أهمية السد -بحسب تقييم البنك الدولي لجوانب الضعف البيئي الذي تعاني منه إثيوبيا- في أن هذه الدولة الواقعة بشرق أفريقيا تتعرض لمخاطر جمة تتعلق بالمياه وتنبؤات الأرصاد الجوية وكوارث طبيعية.

ومما يفاقم هذا الضعف -بحسب الكاتب- هو أن إثيوبيا تعاني أصلا من معدلات فقر عالية واحتمالات تأثر قطاعاتها الاقتصادية الرئيسية -الزراعة والمياه والسياحة والغابات- بظاهرة التغير المناخي.

أضف إلى ذلك أن التنوع الطبوغرافي لإثيوبيا ومعاناة شرائح كبيرة من سكانها من التهميش يزيد الطين بلة. ومن هذا المنطلق فإن سد النهضة يمنحها بنية تحتية هي في أمس الحاجة إليها حتى يتسنى لها التصدي لمشاكلها العديدة، بدءا من زيادة عدد السكان وليس انتهاء بالسعي لتوليد طاقة كهربائية منتظمة.

وأشار كاتب المقال إلى أن هناك عاملا آخر يلعب دورا في القضية يتمثل في هشاشة الوضع السياسي في إثيوبيا. فقد تركت الانتخابات، التي كان من المفترض أن تجرى العام الحالي لكنها أرجئت إلى العام المقبل، البلاد على الحافة. فإذا تراجع رئيس الوزراء آبي أحمد عن ملء خزان السد، فإن من شأن ذلك الإضرار بفرص فوز حزبه بالانتخابات.

النيل شريان حياة لمصر

ويستطرد كاتب المقال قائلا: ومن نافلة القول أن نهر النيل يُعد أطول الأنهار في أفريقيا وربما في العالم، ثم إنه يلعب دورا مهما في إمداد مصر بمياه الشرب وري المحاصيل الزراعية، كما أنها تستفيد منه في النقل والمواصلات.

وعلى هذا الأساس فإن النيل يعتبر موردا حيويا لمصر، لأن الزراعة تستحوذ على أكثر 14% من الناتج القومي الإجمالي، وهي أكبر قطاع توظيف في البلاد إذ يعمل بها ما يزيد على 31.2% من جملة السكان.

ويضيف ماكدونالد أن المخاوف التي تنتاب القاهرة من ملء السد تتمثل في أن أي نقص في تدفق المياه بمرور الزمن ستكون له عواقب اقتصادية واجتماعية وخيمة، لا سيما في وقت تكابد فيه البلاد من التأثيرات السلبية لجائحة فيروس كورونا المستجد وتباطؤ الاقتصاد العالمي الذي أضر بالسياحة، وهي أحد القطاعات الرئيسة في مصر، وكان البنك الدولي قد وصف مصر بأنها أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ.

 تدخل أطراف دولية

أما السودان فهو لا يزال بحاجة للنهر كمصدر للمياه والنقل، رغم أنه أقل اعتمادا على النيل من مصر. ومن ثم، فإن أي إجراءات تُتخذ بخصوص النيل تؤرق السودان.

 وبحسب الكاتب فمن المرجح أن يظل سد النهضة يشكل مشكلة عويصة في علاقات إثيوبيا مع مصر والسودان. ومع أن احتمال إقدام مصر وإثيوبيا على خوض عمليات عسكرية ضد بعضهما يمثل تحديا كبيرا، فإن البلدين سوف يستعينان بضغوط أصدقائهما وحلفائهما.

ولطالما مارست الولايات المتحدة ضغطا على إثيوبيا لحملها على توقيع اتفاق لتقاسم المياه لتبديد مخاوف حليفتها مصر بشأن نهر النيل. ومن ناحية أخرى تتعرض واشنطن لضغوط من السعودية لكي تساعد مصر في نزاعها مع إثيوبيا.

ويشير الكاتب إلى أن إثيوبيا وضعت الولايات المتحدة في مواجهة مع الصين التي تعد مستثمرا رئيسيا للدولة الواقعة في شرق أفريقيا وشريكتها التجارية الكبيرة.

ووفقا للكاتب، فإن وضع مصر الجيوسياسي “معقد”. فبينما تعارض مصر بشدة مضي إثيوبيا قدما في ملء خزان السد، فإنها تواجه في الوقت نفسه ضغوطا في ليبيا جارتها الغربية. وتنتاب القاهرة مخاوف من التدخل التركي في ليبيا دعما لحكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس المعترف بها دوليا، بينما تقف مصر وروسيا والإمارات إلى جانب مليشيات خليفة حفتر.

التوتر بليبيا يخدم إثيوبيا

ويقول الكاتب: مما لا شك فيه أن إثيوبيا ترى في مخاوف مصر إزاء ما يحدث في ليبيا “تطورا إيجابيا” يصب في صالحها، ذلك أن ثمة فرصة كبيرة لاندلاع نوع من الصراع المسلح في شمال أفريقيا.

وبحسب كاتب المقال، فإن إثيوبيا حينما تحاول استكمال ملء خزان السد، سيرفع ذلك وتيرة التوتر في المنطقة وربما سيقود إلى التعجيل بمناورات جيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة والسعودية ودول أخرى تسعى لكسب نفوذ في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، مثل تركيا والإمارات. غير أن ذلك لن يساعد كثيرا في حل الأزمة، برأي الكاتب.

وما لم يتم التوصل إلى نوع من الاتفاق في نهاية المطاف، ستزيد القضية من جذوة التوترات وستؤدي إلى تعكير صفو العلاقات بين مصر وإثيوبيا، كما أنها قد تتسبب في تفاقم المشاكل البيئية في منطقة لا يوجد فيها مجال للخطأ.

إن أي نقص كبير في تدفق مياه النيل قد يفضي بالفعل إلى الموت على ضفاف النيل.

 

شاهد أيضاً

حماس: المرونة التي نبديها لا تعني التراجع عن شروطنا وإسرائيل لا يعنيها أسراها

قال القيادي في حركة “حماس” باسم نعيم، إن “إسرائيل باتت تفهم المرونة التي تبديها حماس …