اصطفاف شعبي وحزبي مع الحكومة التركية ضد إجراءات واشنطن

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه ليس بإمكان أي دولة أو مؤسسة تصنيف ائتماني تهديد تركيا وشعبها.

جاء ذلك في كلمة ألقاها أردوغان مساء الأحد، في لقاء مع رجال أعمال ومنظمات مجتمع مدني بولاية طرابزون شمال شرقي البلاد.

وأكد الرئيس التركي أن بلاده ستتغلب على المكيدة الاقتصادية التي تستهدف بلاده عبر التلاعب بسعر صرف العملات الأجنبية.

وأضاف: “لا يعرفون الشعب التركي نهائيا، وليس بإمكان أي دولة أو مؤسسة تصنيف ائتماني أن تهدد تركيا وشعبها”.

حملات شعبية للوقف بجانب أردوغان

جسّد الشارع التركي موقفاً موحّداً حيال الانخفاض الكبير في قيمة الليرة التركية أمام الدولار، وفي هذا الصدد انطلقت حملات شعبية وحزبية في تركيا لتبديل المدخرات والمكتنزات بالعملات الصعبة بالليرة التركية، كرد شعبي على تراجع سعر صرف الليرة التركية وما يراه كثيرون استهدافاً من قبل الولايات المتحدة لاقتصاد بلادهم وعملتهم، نتيجة مواقفها السياسية.

ويعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة ماردين التركية، عبد الناصر الجاسم، أن للحملة التي أطلقتها الأحزاب وبعض التنظيمات الأهلية التركية تأثيرات اقتصادية، ولكن محدودة.

إذ بموازاة حملة بدل الدولار بالليرة، هناك حملات أخرى وأقوى، بدأت تظهر في الأسواق بعد التهاوي بسعر الصرف، تدعو إلى تبديل الليرة بالدولار خوفاً من مزيد من تراجع سعر الليرة التي فقدت خلال يومين أكثر من 25% من قيمتها.

ويضيف أستاذ الاقتصاد: “الحملات الشعبية، خاصة الدعوات الحزبية، ستنعكس نفسياً وشعبياً، لتظهر وقوف الشعب التركي إلى جانب حكومة بلاده، ليقينه أن ثمة حملة واستهدافاً يتعرض لهما الاقتصاد والليرة، والنقطة الثانية التخفيف، على الأقل، من المخاوف التي بدأت تلف الأسواق التركية، بعد ما يمكن تسميته “انهيار الليرة”، خاصة أن أسباب تراجع سعر صرف الليرة ليست اقتصادية، بل هي نفسية وسياسية بمجملها”, حسبما ذكر موقع “العربي الجديد”.

ودعا المواطنين الأتراك إلى التكاتف من أجل مجابهة الارتفاع غير الحقيقي لسعر العملة الأجنبية بقوله: “إن الليرة التركية هي من سمعتنا وعفتنا وهي مصدر احترامنا ومستقبلنا ورمز لاستقلالنا، لنكن عونًا لعملتنا الوطنية”.

وتأتي حملة “بدل الدولار بالليرة” استجابة لما طرحه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال حديثه لتلفزيون “تي آر تي” الحكومي: “إن كانت لديكم أموال بالدولار أو اليورو أو ذهب تدخرونه، اذهبوا إلى المصارف لتحويلها إلى الليرة التركية، إنه كفاح وطني”. مؤكداً أن “أنقرة لن تخسر الحرب الاقتصادية”، وأن بلاده مستعدة لجميع الاحتمالات الاقتصادية السلبية التي قد تواجهها. وطمأن شعب بلاده بأنه “لا داعي للقلق، فلا يمكن إعاقة مسيرتنا بالدولار وسواه”.

 وقال الرئيس التركي، رداً على من يراهن على انهيار الاقتصاد التركي بعد تهاوي سعر صرف الليرة: “أوصي بألا يتحمّس أولئك المتربصون بسعر صرف العملات الأجنبية والفائدة”، مشدداً على أن “الشعب التركي سيرد على معلني الحرب الاقتصادية ضد تركيا”، مؤكداً أنّ اقتصاد بلاده سيحقق نمواً جيداً خلال العام الجاري 2018، على الرغم من الحرب المعلنة ضده من قِبل بعض الجهات الدولية.

قضية القس الأمريكي مجرد غطاء لاستهداف تركيا

وفي هذا السياق قالت مرال أقشنر رئيسة حزب “إيي” التركي، إن حزبها يرفض تماما إقدام الولايات المتحدة الأمريكية أو أي دولة أخرى على معاقبة تركيا عبر فرض ضغوط على الحكومة.

جاء ذلك في كلمة ألقتها اليوم الأحد، خلال مشاركتها في المؤتمر العام الاستثنائي الثاني لحزب “إيي” في العاصمة التركية أنقرة.

وأوضحت أقشنر أن المواقف الأمريكية الأخيرة ضد تركيا ناجمة عن التطورات الجيوسياسية، وأن قضية القس الأمريكي مجرد غطاء لاستهداف تركيا.

وجددت أقشنر رفضها التام لفرض الولايات المتحدة عقوبات على وزيري العدل والداخلية.

وأكد زعيم حزب الحركة القومية (دولت باهتشلي) في تغريدة على تويتر، أنّ السبب خلف ارتفاع الدولار ليس اقتصادياً، وإنما تقف خلف ذلك محاولات ابتزاز سياسية ودبلوماسية، موضحا أنّ بلاده لم ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحصل.

ومن جانبها (ميرال أكشينار) زعيمة حزب الصالح أكدت على دعم حزبها للحكومة في سبيل تأمين مناخ الثقة لجذب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال إلى تركيا، وبالتالي حل الأزمة التي تمرّ بها الليرة التركية.

حرب اقتصادية

كذلك قال (سنان أوغان) معارض تركي سابق في حزب الحركة القومية في تغريدة له: “من الواضح أنّ أمريكا أعلنت حرباً اقتصادية على تركيا، ومن هنا أسأل: ما الذي ستفعله تركيا إزاء هذه الحرب؟ وما هي الحملات المضادة التي سنقوم بها؟ هل سنغلق قاعدة إنجرليك أمام القوات الأمريكية نتيجة ما فعلته؟”.

بدوره  لفت (سليمان صويلو) وزير الداخلية التركي إلى أنّ الشعب التركي على دراية بمجريات الأحداث، مؤكداً على أن تركيا شعبا وحكومة ستتجاوز الأزمة التي تمر بها من خلال الأنموذج الاقتصادي الجديد الذي ستعمل وفقه.

وكذلك وزير العدل التركي (عبد الحميد غل) أفاد بأنّ لدى بلاده القوة الكافية لتتجاوز الحصار المالي المفروض عليها، قائلا: “لم نصل إلى هذه الأيام إلا بعد المرور باختبارات مختلفة، وبالأنموذج الاقتصادي الجديد سنتجاوز هذه الأزمات أيضا”.

وأدلى رئبيس الوزراء السابق (أحمد داوود أوغلو) برأيه قائلاً: “قرارات إدارة ترامب التي تستهدف الحكومة التركية لا تمت بصلة إلى أدنى مستويات اللباقة والدبلوماسية، فضلا عن كونها لا تليق بعلاقات التحالف بين البلدين، وهذا سلوك لا يمكننا القبول به”.

في حين قال (إبراهيم قره غل) إعلامي وكاتب تركي في تغريدة عبر حسابه الخاص على تويتر: “يقومون بهجمات اقتصادية ضد تركيا، ويحاولون ضرب تركيا بالدولار، البعض يطير فرحا لما يحدث، هذه الدولة واجهت خيانات لا حصر لها، سنبدأ بمقاومة اقتصادية وسننجح بذلك”.

تعليق إيراني

وصف وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم التركي على تويتر ضد تركيا، بأنها “مدعاة للخجل”.

جاء ذلك في تغريدة للوزير على حسابه بموقع تويتر، تعليقا على التغريدة وقال فيها: ” إن دفع ترامب اقتصاد تركيا الدولة الحليفة في الناتو إلى مواجهة مصاعب مدعاة للخجل”.

ودعا الوزير الإيراني واشنطن لتصحيح أسلوبها في التعامل الدبلوماسي القائم على “التهديد، وإلا فإن كافة دول العالم ستتجاوز عتبة الإدانات اللفظية من أجل ممارسة ضغوط على إمريكا”.

قطر..حل الخلاف بشكل مشرف

أعرب حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر السابق عن ثقته من أن تركيا “ستخرج بقوة ” من الحرب الاقتصادية التي تواجهها، وستحل الخلاف مع واشنطن “بشكل مشرف”.

جاء ذلك في سلسلة تغريدات عبر حسابه في موقع “تويتر”.

وقال بن جاسم “أنا متأكد أن تركيا ستخرج من هذا الوضع بقوة، قد يأخذ وقت ولكن هناك إرادة وعمل”.

وأضاف “تركيا عضو مهم لحلف الناتو وشريك مهم لأمريكا وأوروبا وسيجدون طريقة لحل هذه الأزمة ولكن بشكل مشرف ومن راهن على سقوطها سوف يخسر الرهان”.

يذكر أن واشنطن قامت بإدراج وزيري العدل عبد الحميد غل، والداخلية سليمان صويلو في الحكومة التركية على قائمة العقوبات.

وتذرعت واشنطن في ذلك بعدم الإفراج عن القس الأمريكي أندرو برانسون، ما دفع أنقرة إلى استخدام حقها في المعاملة بالمثل، وتجميد الأصول المالية لوزيري العدل والداخلية الأمريكيين.

وقرر القضاء التركي حبس برانسون في 9 ديسمبر 2016 على خلفية عدة تهم، تضمنت ارتكابه جرائم باسم منظمتي “جولن” و”بي كا كا” الإرهابيتين تحت ستار وضعه كرجل دين، وتعاونه معهما رغم علمه المسبق بأهدافهما، قبل أن يصدر قرار قضائي بفرض الإقامة الجبرية عليه بوقت لاحق.

شاهد أيضاً

السودان: بريطانيا تحمي الإمارات رغم دعمها مليشيات الدعم السريع التي ارتكب جرائم إرهابية

هاجمت الخارجية السودانية بريطانيا، واتهمتها بـ”التنكر” لواجبها الأخلاقي لحماية مصالح الإمارات، بصفتها عضوا دائما في …