جامعة دنماركية تلزم طلاب الطب دراسة الأدب

قرّرت جامعة جنوب الدنمارك إلزام طلاب الطب دراسة الأدب لتهيئة أطباء المستقبل ليكونوا أكثر دراية بما يطلق عليه “الطب السردي”، ما يمنحهم القدرة على فهم ما يقوله المرضى. ويستهدف هذا الإجراء الإلزامي والفريد من نوعه تمرين طلاب الطب على التواصل بشكل أفضل مع المرضى، وخلق ظروف منصفة للمرضى الأكثر حرماناً وضعفاً في النظام الصحي، خصوصاً مع زيادة الشكاوى حول عدم تخصيص الأطباء الوقت الكافي للمرضى للاستماع إليهم، بقدر تركيزهم على التشخيص.

وتشير دراسات أمريكية  بين عامي 2012 و2017 إلى أن المهارات المتعلقة بالإنصات للمرضى لدى العاملين في القطاع الصحي ستزداد بشكل كبير إذا ما أتم هؤلاء دورات تعليمية أدبية في السرد والكتابة، تحت مسمى “الطب السردي”.

ومنذ عام 2016، أدخلت الجامعة طلاب الطب في مرحلة تجريبية وفرضت عليهم مقرر “أدب السرد والخيال”، والهدف من التجربة جعل أطباء المستقبل أكثر قدرة على الاستماع إلى المرضى خلال سردهم لمسار أمراضهم.

وبموجب هذا التعديل المعلن عنه خلال الأيام القليلة الماضية، وإدخال مادة الأدب إلزامياً، سيتوجب على الملتحقين بالسنة الأولى لدراسة الطب البدء بدراسة مراجع أدبية للأديبين الدنماركيين ميكال يوسيفين وكلاوس لونغورد حول “أدب المرض”، والمتعلّق أساساً بحالة الإنسان الذي يعيش ظروفاً اجتماعية غير صحية نفسياً وعصبياً، وكيفية معايشة الناس للأمراض في المحيط والأسرة، أو مع الذات.

والطب السردي بحسب البروفيسور بيتر سيمونسن المشارك في تعليم الأدب للأطباء، يهدف إلى جعل “الإنسان أولاً”، ويلزم الطلاب بثلاث حصص أسبوعياً، بمشاركة أطباء وأدباء وباحثين.

ويقول سيمونسن في تصريحات لصحف دنماركية: ” سنعمل على تعزيز مخيلة الطلاب من خلال الأدب ، وسيصبح لدى أطباء المستقبل قدرة كبيرة على الإنصات الجيد، ومعايشة معاناة المرضى. وفي النهاية، يكون التشخيص أفضل”. 

 

 وبحسب تقرير للمجلس الوطني الدنماركي للصحة في عام 2018، بدا واضحاً الربط بين الدراسة ومكان السكن ومستوى الدخل والوضع الصحي للناس، وهو ما أشارت إليه نتائج البحث المتخصص لـ “المركز الوطني للصحة الشعبية” في جامعة آرهوس وسط غرب الدنمارك.

وخلص إلى وجود علاقة قوية بين زيادة نسبة الأمراض لدى بعضهم، وضعف المساواة الاجتماعية والبيئة المعيشية للمواطنين. وبشكل عام، يركز البحث على أن الخلفية الاجتماعية ــ الاقتصادية للناس لا تؤثر فقط على الأمراض، بل على كيفية التعامل مع الضعفاء. 

ويفيد بحث صادر عن المركز الوطني للصحة الشعبية في جامعة “آرهوس” بأن إدخال الأدب إلى المناهج في جامعة جنوب الدنمارك، لتخريج أطباء المستقبل، يساعد “الأطباء ليصبحوا أكثر قدرة على تحديد القدرات الاجتماعية والاقتصادية الضعيفة للمرضى، خصوصاً أن هؤلاء يراجعون الأطباء أكثر من غيرهم،  أما الطبقة الأقوى القادرة على التعبير عن نفسها، عادة ما يستجاب لها بسرعة وتحول إلى الأطباء المتخصصين”.

ويذكر أن جامعة كولومبيا في نيويورك  خاضت مشروعاً مماثلاً، بإشراف البروفيسورة ريتا شارون، وخلصت إلى أن الأدب مع الطب يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على تطور الخيال لدى الأطباء، ما دفع الجامعة الدنماركية إلى خوض التجربة.

شاهد أيضاً

منظمات تحذر من وضع المسلمين على القوائم السوداء في أوروبا بتواطؤ الإمارات

حثت منظمات مجتمع مدني إسلامية وناشطون حقوقيون الحكومات الأوروبية على اتخاذ إجراءات ضد الإسلاموفوبيا المتصاعدة …