رضا رشاد المحامي : اللعبة الشعبية.. والوطنية الهزلية

كل من يختلف مع الإخوان يدعي الوطنية سواء عسكر، أو سلفيون، أو كنيسة، أو علمانيون، أو ليبراليون، أو حتى ملحدون ومعهم المغيبون, وقد تعمد خونة العسكر بسلاحهم وإعلامهم أن يكون ذلك على حساب الإخوان، وكأن الإخوان هم العدو!! وأصبحوا غرباء في وطنهم, فهم المعتقلون, المطاردون، الضحايا.

ولا يخفى على عاقل أن الوطنية ليست كلاما وادعاءً وليست بالصوت العالي، وأن واقع هؤلاء الأدعياء ينضح بالخسة والخيانة وكما قال الشاعر:

“وكل يدَّعي وصلا بليلى …. وليلى لا تقر لهم بذاكا “

فمن حين لآخر يخرج علينا خونة العسكر وإعلامهم ومؤيدوهم بشعارات وهمية للوطنية، ولا يجدون مناسبة إلا ويوظفونها لتكون مناسبة للدعاية، ومبرراً يوارون به الخراب والدمار والقتل والتنكيل والتخلف، وتحويلهم الدولة إلى شبه دولة مدمرة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا.

على خطى الصهيونية

بل الأدهى والأمرّ أنهم يسيرون على خطى الصهيونية في صناعة المعارك الوهمية في بلدان العالم، بكرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية. كما جاء في “بروتوكولات حكماء صهيون” بما خلاصته إلهاء المسلمين – وخاصة الشباب – بالرياضة والجنس والمخدرات والنساء. وأحداث مباراة مصر والجزائر قبل الثورة تشهد بذلك، وقد صوروها آنذاك كأنها غزوة من غزوات التاريخ, ثم معارك كأس الأمم الإفريقية ثم المعركة الفاصلة في تصفيات كأس العالم!! ناهيك عن المعارك السنوية كل عام في الدوري أو الكأس المحليين.

فالإعلام يدير اللعبة – والكل يعلم أنها في نهايتها لعبة – مستخدماً مصطلحات عسكرية مثل “موقعة” و تعبيرات النزال والقتال، فهذا قلب الهجوم وهذا قلب الدفاع وذاك رأس حربة، وتلك “روح قتالية”!! ثم يكتمل المشهد بمذيع كالأراجوز يصطنع جو المعركة بالصراخ والتهليل، حتى يخرج الضحية عن شعوره – وسط الشماريخ والنيران – وقد تلفت أعصابه من الضغط والتوتر العصبي، فيعود إلى بيته – بعد تفريغ الشحنة النفسية والعاطفية – مخدراً، فينام نوم السكارى وقد نسي فقره وجوعه وعريه ومرضه!

ولو كانت الصهيونية والأنظمة الموالية لها تريد بك الخير وتريدك رياضيا حقيقيا لأنشأت لك مكانا تتريض فيه حتى ولو كان شارعا ممهدا، ولما أهملتك بدون صرف صحي تقضي حاجتك في أماكن غير آدمية ولوفرت لك ثمن “الشورت” بدلا من هذا الذي يكشف سوءتك، لكنها شغلتك بأسوأ ما في الرياضة؛ التعصب وحرقة الدم والضغط العصبي والشقاق والخصام والجدال والسباب والتنابذ بالألقاب بين مشجعي هذا الفريق أو ذاك.. حتى داخل الأسرة الواحده!!

هذه السياسة – سياسة الإلهاء والتخدير – صنعتها لتشغل الشعوب عن خططها الخبيثة في التمدد والسيطرة والإفساد، لتشغلها بهذه التفاهات عن الاهتمام بأمور دينها وعن سياسة الصهاينة الخارجية وانتهاكها للمعايير الدولية، واحتلالها وإفسادها في أراضٍ عربية إسلامية.

 

والمتابع للإعلام وتطوره منذ عقود يجد هذه السياسة واضحة بخطة ممنهجة – لاحظ سلسلة الأفلام والمسرحيات الكوميدية التي توالت عقب نكسة يونيو وسلسلة الأفلام عقب الانفتاح الاقتصادي وأفلام السخرية من المعلمين ورجال الدين وغيرهم – ليتأكد لك أن الصهيونية وأعوانها من الخونة لديهم “إستراتيجيات الإلهاء”!.

أخطر من المخدرات!

إن الصهيونية العالمية – بإعلامها ومراكز القوى التابعة لها وتغلغلها في مطابخ صناعة القرار والتاثير في العالم كهوليود وغيرها – قد صنعت هذه السياسة الخبيثة لوضع شعوب الدول المتخلفة تحت تأثير نوع آخر من أنواع المخدرات ولكنه نوع أخطر وأشد سماً؛ لأنه يتلبس بثوب الوطنية والمعارك الحربية! فأصبحت سبباً للخصومة والفرقة بين أبناء الأمة بل بين أبناء الدولة أو القرية وأحيانا البيت الواحد، كما أشرت آنفاً, فرقة دون قضية أو مبدأ أو هدف أو غاية ترضي الله. فرقة بدون سبب لأن الأمر مهما علا وأخذ حجما أكبر من حجمه مازال ولا يزال في إطار ما يسمى “اللعب” وهل لها اسم آخر سوى لعبة كرة القدم؟!!

فانقلبت الموازين لدى الجمهور وأصبح أهل الفن وأهل الكرة هم رموز المجتمع وهم قدوته، فلا يعلم عن الوطنية شيئا سوى ما يتعلق بهذه الرموز. والإعلام منذ عقود وهو يلعب على هذه الوتيرة فهذه “كوكب الشرق” وهذا “العندليب الأسمر” وهذه “سيدة الشاشة العربية”!! فغابت قضايا الأمة عن الجمهور وتصدر اللعب والرقص والغناء المشهد.

خطط اليهود السرية لاستعباد العالم

وقد كتب الأستاذ “عباس محمود العقاد” عن خطط الصهيونية يقول: “عقد الزعماء الصهيونيون ثلاثة وعشرين مؤتمرا منذ سنة 1897 وكان آخرها المؤتمر الذي انعقد في القدس لأول مرة في 14 أغسطس 1951 ليبحث في الظاهر مسألة الهجرة إلى إسرائيل ومسألة حدودها وكان الغرض من هذه المؤتمرات جميعاً هو دراسة الخطط التي تؤدي إلى تأسيس مملكة صهيون العالمية.

اجتمع في المؤتمر الأخير ثلاثمائة من أكبر عتاة حكماء صهيون كانوا يمثلون خمسين جمعية يهودية، وقرروا فيه خطتهم السرية لاستعباد العالم كله تحت تاج ملك من نسل داود وذلك من خلال:

– القبض على زمام الصيرفة في العالم.

– إشاعة الفوضى والإباحية بين شعوبه.

– تسليط المذاهب الفاسدة والدعوات المنكرة على عقول أبنائه.

– تقويض كل دعائم الدين والوطنية والخلق القويم.

يقول أوسكار ليفي: “نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه ومحركي الفتن فيه وجلاديه”.

ويقول الصحفي الإنجليزي شيسترتون: “لسان الحال أصدق من المقال، وإن مشيخة صهيون قد يكون لهم وجود صحيح أو يكونون جميعا من خلق التصور والخيال، فإذا كانت البروتوكولات من الناحية التاريخية محل بحث فإن السيطرة الخفية بتلك البروتوكولات أو بغيرها, والنفوذ الذي يحاولونه ويصلون إليه قائم وملموس الوقائع والآثار”.

ولمن أراد تفاصيل أكثر فإنها في كتاب “بروتوكولات حكماء صهيون”, وهناك العديد والمزيد من المراجع التاريخية لمن أراد أن يستزيد، وإن كان البعض يحاول التشكيك في صحة البروتوكولات ونشأتها حفاظا على أسرار الصهيونية ولكنهم لا يستطيعون إنكار المؤتمرات السنوية وتوصياتها وخطط تنفيذها في الواقع .

واقرءوا عن مؤتمر بازل كان في ١٨٩٧ وما بعده من مؤتمرات متوالية.. كل عشر سنوات مؤتمر إلى أن سيطروا بشكل مباشر أو غير مباشر على المنطقة، وأثروا بشكل مباشر – أو غير مباشر – على سياسات العديد من الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

سؤال لأشاوس العرب

والسؤال لأشاوس العرب وزعمائهم وحكامهم: أين كنتم ومخططات التقسيم يعلمها القاصي والداني؟ أم أن الخيانة صنعت لكم حالة غيبوبة؟ أم أنكم على علم وهذا الذي تتصنعونه من باب الحبكة الدرامية؟ أم تظنونه مخرجا لكم من حسابكم على الخيانة والخسة وكأنكم تتصنعون موقف الأبرياء الذين يحملون هم الوطن!!

وهل الوسيلة في التغلب على خطط الغرب ومؤامرتهم لتقسيم الوطن أنك تعيش في التخلف وتعمل شبه دولة وتفرط في مياهها وترابها وفي صحة شعبها وكرامتهم!! وأن تعيش مع المغفلين في غيبوبة الرقص والغناء وتصبح كل الأهداف محصورة في هدف تحرزه في مرمى الفريق الخصم؟

لذلك فإن العدو وهو يخطط لأهدافه قديما كان يعلم أن الخونة من الحكام والمجرمين في المنطقة جزء من هذه المؤامرة ، وأن الإعلام المجرم الكاذب الذي صنع عقلية المغيبين جزء من هذه المؤامرة أيضاً.

إن الصهيونية وأعوانها يطاردون الأحرار، لأنهم يدعونك لمفهوم الوطنية الحقيقية ، وطنية الكرامة للإنسان وحفظ آدميته من الذل والهوان. الوطنية التي من أجلها غادر النبي محمد  صلى الله عليه وسلم وكثير من الأنبياء والرسل أوطان الظلم إلى أراضٍ وأوطان أقاموا فيه شعائر الإسلام ورفعوا فيها راية التوحيد.

هؤلاء الأنبياء قاموا بإرساء قاعدة عظيمة وهي أن الوطن ليس أحجار وبيوتا وترابا أو وهما، إنما الوطن هو الكرامة والحرية. الوطن هو البلد والمكان الذي يتوافر فيه  العدل والمساواة والأمان.

فهل عرفت أخي الكريم الفرق بين الوطنية الحقيقية والوطنية الهزلية؟ أم أن نشوة كأس العالم قد سلبتك عقلك؟

 

 

شاهد أيضاً

محمد السهلي يكتب : الأونروا والعودة.. معركة واحدة

بحكم معناها ورمزيتها ووظيفتها، يصبح الدفاع عن الأونروا معركة واجبة وملحة .. ومفتوحة. ومع أن …