علامات أونلاين – وكالات

هل أصبح لبنان ضحية محور سعودي إماراتي إسرائيلي لمواجهة إيران؟

ستظل ليلة 4 نوفمبر عالقة في الذاكرة السعودية لفترة طويلة كنقطة تحول، ففي تلك الليلة، وقعت 3 أحداث مهمة في الرياض: القبض على عشرات الأمراء والمسؤولين وقادة الأعمال السعوديين، واستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وإسقاط صاروخ باليستي أطلق من اليمن، وكان يستهدف مطار الملك خالد الدولي.

والرابط وراء كل هذه التطورات هو ولي العهد؛ محمد بن سلمان.

وفي محاولة لترسيخ سلطته وفتح الطريق أمام وصوله إلى الحكمفي نهاية المطاف، يسعى بن سلمان إلى تغيير المنظومة البيروقراطية والهيكل التنظيمي لسياسات بلاده الداخلية، فضلا عن اتباع سياسة خارجية حديثة أكثر حزما.

في السعودية كما في أماكن أخرى، تتشابك السياسة الداخلية والخارجية، وغالبا ما تحتج الحكومة بالتهديدات الأجنبية لتبرير اتخاذ تدابير صارمة في الداخل بحسب تقرير كتبه توبي ماتثسين بموقع “فورين أفيرز”.

ومنذ ظهوره على الساحة السياسية في مطلع عام 2015، سعى بن سلمان إلى تغيير مكانة المملكة في العالم العربي، وخاصة السني منه, ودفع هو ومن معه نحو خط أكثر صرامة ضد إيران، التي يصورونها بالشيطان الذي يكون وراء العديد من مشكلات المنطقة.

وقد لعب بن سلمان، وهو وزير الدفاع، دورا قياديا في الحرب السعودية في اليمن، في خروجٍ جذري عن عقود من دبلوماسية الرياض الحذرة القائمة على دفع الأموال لجارتها الجنوبية.

 

بداية المواجهة

بدأت المواجهة ظاهريا، لمنع إيران من الحصول على نفوذ في اليمن، وهي الآن في عامها الثالث، وليس هناك أي حل في الأفق حتى الآن.

وكان الصاروخ الذي أطلق على الرياض وسيلة للحوثيين لإظهار أنهم لا يزالون قوة لا يستهان بها.

ويجب أن نتذكر أن الجيش اليمني التابع للرئيس السابق علي عبد الله صالح، المتحالف حاليا مع الحوثيين، والذي كان سابقا حليفا سعوديا، يمتلك أيضا كومة من الصواريخ.

ويرى التحالف الذي يقاتل الحوثيين وصالح، أن إيران كانت وراء إطلاق الصواريخ البالستية، التي تعتبرها الرياض عملا من أعمال الحرب المحتملة، التي يحق لها الرد عليها بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

وذكر بن سلمان ذلك، ووصف إطلاق الصاروخ بالعدوان العسكري المباشر.

وسرعان ما وضع التحالف اليمن تحت الحصار الجوي والبري والبحري الكامل.

وعلى الرغم من وجود التنافس السعودي الإيراني على مدى عقود، شهد خلالها موجات من الارتفاع والهبوط، فإن الوضع الحالي خطير بشكل خاص لعدد من الأسباب.

ومن أهم تلك الأسباب تركز السلطة في يد رجل واحد في السعودية، وهو مصمم على استخدام رواية التهديد الإيراني لدعم القومية السعودية. وعلى عكس ما كان عليه الحال في ظل الإدارة الأمريكية السابقة، تبدو الولايات المتحدة تحت حكم ترامب حريصة على دعم بن سلمان دون قيد أو شرط.

وقد أعطت هذه العلاقة الخاصة بن سلمان انطباعا بأنه يمكنه العمل دون خوف من أي عقاب.

تمدد إيراني

وفي الوقت نفسه، يمدد الإيرانيون قوتهم في بلاد الشام، حيث أقاموا ممرا أرضيا يربط إيران بسوريا ولبنان، بعد الهزيمة شبه الكاملة لتنظيم الدولة.

وسرعان ما قفز رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على العربة السعودية، مع استقالة سعد الحريري، لتسليط الضوء على المخاطر التي تفرضها إيران على المنطقة والتحدث عن تهديد حزب الله.

وأمرت وزارة الخارجية الإسرائيلية سفاراتها بالخارج باتباع الخط السعودي بشأن استقالة الحريري والتحدث عن تهديد حزب الله وإيران!

وفي الواقع، سيكون حزب الله وغيره من الجماعات التي تدعمها إيران، مثل حماس والجهاد الإسلامي، عقبات رئيسية أمام خطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية، التي يحاول ترامب تحقيقها من خلال صهره؛ جاريد كوشنر.

كما قالت إسرائيل إنها لن تسمح بانتهاء الصراع السوري بتواجد إيراني قوي على حدودها مع سوريا.

وفي هذا السياق، ينبغي فهم استقالة الحريري.

وفي 3 نوفمبر، التقى الحريري في لبنان مع وفد إيراني برئاسة علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني؛ علي خامنئي.

وبعد ذلك بيوم، ظهر الحريري، الذي يحمل الجنسية السعودية أيضًا, ولديه مصالح تجارية واسعة في المملكة، وأعلن استقالته من الرياض في خطاب بثته قناة “العربية” السعودية.

وقال الحريري إن هناك خطة لاغتياله، ووجه اللوم لدور إيران في المنطقة، وتحالفها مع حزب الله.

وقد رد الأمين العام لحزب الله؛ حسن نصر الله في كلمة في اليوم التالي، موجها اللوم للسعودية، ونفى أن يسعى حزب الله إلى اغتيال الحريري أو الإطاحة به، وحثه على العودة إلى لبنان.

واستهدفت استقالة الحريري إضعاف حزب الله من خلال حرمانه من شرعيته، ولكنها قد تضر الحريري نفسه، الذي طال انتظاره منذ فترة طويلة لقيادة الطائفة السنية اللبنانية.

وقال وزير سعودي إن المملكة ستتعامل من الآن فصاعدا مع الحكومة اللبنانية كخصم، بسبب وجود حزب الله فيها، وهو خط رسمي ينطوي على عزل لبنان دبلوماسيا ومعاقبته اقتصاديا.

وفي الشرق الأوسط الجديد، تبرز تكتلات القوى الإقليمية عبر خطوط الصدع القديمة.

وبما أن بن سلمان قد عزز سلطته في المملكة، فإن محورا جديدا آخذ في الظهور، وهو محور يجمع واشنطن وتل أبيب والرياض وأبوظبي، ويعتزم مواجهة إيران وحلفائها.

وإذا استمرت الأمور كما هي، فإن لبنان قد يكون واحدًا من بين العديد من ضحايا هذا الصراع.

 

شاهد أيضاً

بعد موقفهما تجاه ليبيا.. محاولات لبث الفتنة بين تركيا وتونس

منذ أن بدأ الجنرال الانقلابي خليفة حفتر محاولة احتلال طرابلس في إبريل الماضي، لم تتوقف …